أحداث عامة

الدراما الرمضانية: عين على الممثلين الشبان

عرفت الدراما في الموسم الرمضاني الحالي تنوّعا على مستوى الاعمال الدرامية، انعكس على مستوى تنوّع الأدوار وحضور جيل جديد من الممثلين الشبان الذين شدّوا الانظار من خلال تمكّنهم من أداء شخصيّاتهم.

بعضهم يعانق الدراما للمرّة الاولى وبعضهم الآخر كانت لهم أدوار سابقة في الدراما التونسية، ولكنّ حضورهم هذه السنة كان صارخا من خلال شخصيات جديدة وأداء متجدّد، هم شباب خبر ركح المسرح أحاسيس بعضهم وقدرتهم على التفاعل مع النص والحوار، أحبوّا التمثيل ووهبوه بعضا من أرواحهم  لتبدو الشخصيات التي يؤدّونها صادقة جدّا، هم شباب وقفوا وجها لوجه مع ممثلين صنوعوا ربيع الدراما التونسي، وخطوّا مجدهم في المجال وبرهنوا أن الشباب قادر على التميّز إذا ما أتيحت له الفرصة.

وتطول قائمة الممثلين الشبان الذين تقمّصوا ادوارهم فأقنعوا المشاهد، وأنت تشاهد أداءهم تنسى أنّهم يتقمّصون أدوارا من خلف الكاميرا فهم يقحمونك بصدقهم في تفاصيل الشخصية  حتّى تعتقد أنّها واقعية، ومن بين هؤلاء الممثلين الذين غصّت صفحات التنواصل الاجتماعي بحواراتهم وصورهم غانم الزرلي و مريم ين حسن  وعزيز الجبالي وياسمين الديماسي ومحمد الصادق الطرابلسي وآية باللاغة وعزيز بن براهيم ورباب السرايري.

 

عزيز الجبالي وياسمين الديماسي وبلال البريكي: فن الجمع بين المتناقضات

عزيز الجبالي  ابن المسرح الذي تقمّص دور ” وجدي”  العشاق في مسلسل نوبة للمخرج عبد الحميد بوشناق، وشدّ أنظار المشاهد من خلال دته على المزج بين الدراما والكوميديا في المشهد الواحد، هو الذي يثير فيك مشاعر الشفقة أو الحزن إذا ما تحدّث عن وضعيته الاجتماعية المغرقة في السوداوية ولكتنّه ما يلبث أنّ يقتلع منط الضحكة بتعليق غير متوقّع.

وعزيز الجبالي، أثبت من خلال الدور الذي كان على مقاسه تماما، قدرته على تطويع كل جسده في التمثيل والتعبير بكل جزء منه عن أحساسي مختلفة ومتناقضة في ذات الآن.

ياسمين الديماسي هي الأخرى، صديقة الركح، قادمة من عالم المسرح بما فيه من مصافحة مباشرة للجمهور، وهو ربّما ما جعلها قادرة على التنام مع الكاميرا حتّى غدت هي الأخرى رفيقتها، وصارت المشاهد التي تؤدّيها وكأنّها مقتطفة من الواقع،هي التي أدّت دور “فرح” في ذات المسلسل، فرح فتاة من “أطفال بورقيبة” تمكّنت الديماسي بتجسيد شخصيّتها بكثير من الصدق والواقعية، هي التي شدّت المتفرّج من خلال المشهد التي تحدّثت فيه عن طفولتها وترجمت نظراتها معاناة هذه الفئة من المجتمع قبل أن تنطق بالكلمات، هي التي تعبّر بابتسامة حلّت محلّ الدمع عن وجع لا ينسى.

وفي نفس المسلسل، برز الممثل بلال البريكي، وهو أيضا قادم من عالم المسرح، هو ممثل أقنع بأدائه لشخصية مركّبة هي شخصية “ماهر” الفتى الهادئ الوديع القادم من حي راق ليجد نفسه مهووسا بالمزود وعالمه ومنغمسا في أجواء التجارة بالمخدّرات، هو الشخصية التي تحاول أن تكون غيرها في الظاهر ولكنّها في باطنها لا تستجيب، هو العاشق الذي تتحدّث عينيه بالحب قبل فمه، وقد نجح البريكي في المزج بين كل تناقضات الشخصية التي يؤدّيها ويجاري كل تعقيداتها.

 

غانم الزرلي ومريم بن حسن: عمق الأداء

وفي مسلسل “المايسترو”للمخرج لسعد الوسلاتي، نجح الممثل الشاب غانم الزرلي في خطف الأنظار منذ الحلقات الأولى من خلاله تجسيده لشخصية “يونس” العون بمركز إصلاح وتأهيل للذكور ، وقد تقمّص الدور بكل ما أوتي من قدرة ذلك، من خلال حركاته وسكناته، من خلال مشيته ونبرة صوته والإيماءات التي تصدر عنه في بعض المشاهد.

وشخصية “يونس” التي أدّها غانم الزرلي هي الأخرى معقّدة ومركّبة، يتصارع فيها الجلانب العملي والجانب الشخصي ويؤثّر كلاهما على الآخر، ليتجلّى ذلك في ردود أفعال نجح الممثل في التعبير عنها بملامحه وبتلك الكلمات التي تسكن في عينيه، وحتّى في لحظات صمته يقنعك أدائه للشخصية ويمرر الرسالة كما ينبغي.

ونفس الدور تؤدّيها، على الضفة الاخرى في مركز إصلاح وتأهيل للفتيات الممثلة مريم بن حسن، التي أقنعت في أدائها للدور ونجحت في تطويع ملامحها لخلق مواقف مضحكة من رحم مشاهد موجعة، وعلى عكس “غطرسة” ” يونس” تفضح ملامح “نايلة” طيبتها رغم أنّها تحاول في كثير من الاحيان ان تظهر بمظهر  الماسكة بزمام الامور.

 

آية باللاغة ومحمد الصادق الطرابلسي ومالك بن سعد وعزيز بن براهيم: سلاسة التقمّص

وفي مسلسل المايسترو تألّق الممثلون الذين أدوا دور الأحداث في المؤسسة الإصلاحية ومن بينهم على سبيل الذكر لا الحصر آية باللاغة التي أدّت دور “منال” ومالك بن سعد الذي أدّى دور “شهاب” وعزيز بن براهيم  في دور ” نضال” ومحمد صادق الطرابلسي  في دور” مروان”.

وفي اكثر من مشهد برهن مالك بن سعد، أنّه ممثّل يسير بخطة ثابتة نحو ترسيخ  اسمه في عالم الدراما لما أظهره من قدرة على تقمّص الدور بتفاصيله وانفعالاته، وهو الذي ينتقل بسلاسة بين الصخب والهدوء ويعبّر بكل تفاصيل وجهه عن واقعه ووضعيته في “الإصلاحية”.

وآية باللاغة، التي تؤدّي  دور “منال”، تحيلك في المشاهد الأولى إلى أداء باهت وشاحب ولكنّها سرعانما تخيّب ظنك، وتكشف عن قدرة على التناغم مع مشاهد مختلفة، تخرج فيها من برود الأداء إلى الانفعالات التي تؤدّيها بهدوء دون مبالغة.

والممثل محمّد الصادق الطرابلسي، أقنع هو الآخر في دور ” مروان” ابن عباس مدير “الاصلاحية، وتمكّن من تقمّص الشخصيّة ووقف باقتدار أمام الممثل فتحي الهداوي، وكان متمكّنا من نصّه ومتحكّما في تعابير وجهه التي كانت مفعمة بالأحاسيس.

ومن الممثلين الجدد الذين تركوا بصمتهم في مسلسل “المايسترو” عزيز بن براهيم الذي أدى دور “نضال” دلك الدور الذي يجعلك تلتبس في التمييز بين المواقف المبكية والمضحكة، هو الممثل الذي يدخل في حالة هستيرية من البكاء ينتفض معها كل جسده، وهو الذي يطوّع كل تفاصيله ليدفعك إلى الضحك.

 

رباب السرايري: هدوء الصارخ

وفي سلسلة “دار نانا”  لفتت الصحفية والمسرحية رباب السرايري الانتباه من خلال أدائها دور ” عزيزة”، وتمكّنت في أول تجربة درامية من التناغم مع ممثلين لهم تجربة درامية واسعة، وي تؤدّي شخصية تبدو في ظاهرها كوميدية وفي باطنها تراجيدية تنتقد من خلالها تعامل المجتمع المرأة.

وشخصية “عزيزة” مركّبة أدّتها رباب السرايري بوضوح وهدوء دون مبالغة في الأدءا  وفي ابراز الانفعالات، ولكن هذا الهدوء كان صارخا وحمالا لرسائل تمرّرها في كل حلقة دون تصنّع.

المصدر حقائق اونلاين