أحداث عامة أخبار متفرقات

تونس لم تف بإلتزاماتها بشأن إنضمامها للمبادرة العالمية للشفافية في الصناعات الاستخراجية

أكد مدير مكتب معهد حوكمة الموارد الطبيعية في تونس وسام الهاني أنّ المجهوات المتعلقة بحوكمة قطاع المحروقات سجلت تراجعا طفيفا بين 2017 و 2021 وفقا للنتائج الأخيرة الخاصة بمؤشر حوكمة الموارد الطبيعية الذي أطلقه المعهد، حيث تحصلت تونس في صيغة 2017 من المؤشر على 56 نقطة من 100 ممكنة ليتراجع بشكل طفيف سنة 2021 و ذلك بالحصول على معدل 53 نقطة.

إشكاليات في نظام منح التراخيص

وأرجع الهاني في حوار خص به “افريكان مانجر” هذا التراجع إلى عدم نشر المعطيات المالية المتعلقة بالقطاع فضلا عن بعض الإشكاليات المتعلقة بنظام منح التراخيص الذي لا يستجيب في بعض الأحيان إلى متطلبات الشفافية.
وأشار في هذا الصدد، إلى التحسن الذي شهدته المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في المسارات المتعقلة بالشفافية حيث تطورت من 66 نقطة إلي 68 نقطة على 100 نقطة ممكنة.
وبخصوص وضعية شركة فسفاط قفصة، أوضح المتحدث أن الإشكال الحقيقي يكمن في تحولها من شركة ذات طابع صناعي و تجاري الي شركة ذات طابع اجتماعي،حيث اصبحت الاولويات الاجتماعية تسبق الأولويات الاقتصادية او الربحية، و هو ما منع الشركة من تطوير نفسها مقارنة بمثيلاتها على غرار المجمع الشريفي للفسفاط بالمغرب.
ولفت إلى ان مقتضيات الحوكمة الرشيدة فيما يهم الشركات العمومية الناشطة في القطاع الاستخراجي تفترض ان يتم تحديد مهامها بكل دقة و أن تكون هذه المهام تجارية بالأساس مع احترام المعايير الدولية عند قيامها بمختلف انشطتها، و هو ما تضمنه الميثاق العالمي للموارد الطبيعية، إذ شهدت شركة فسفاط قفصة منذ سنة 2008 و خاصة بعد 2010 تغييرا في هذه المهام، و أصبحت مسؤولة بالأساس على الوضع الاقتصادي و الاجتماعي بجهة قفصة حيث أوكلت لها مهمة التقليص من نسب البطالة عبر الانتداب المباشر في الشركة و في فروعها أي الشركات البيئية وهو ما ترتب عنه ارتفاع كلفة الإنتاج بشكل كبير مقابل انخفاض الإنتاج، وذلك نتيجة الاضطرابات الاجتماعية بالحوض المنجمي.
ولتجاوز الوضع الكارثي الذي تعيشه الشركة، إقترح مدير المعهد تنظيم حوار شامل و تشاركي بين الأطراف الفاعلة بجهة قفصىة و الأطراف الحكومية، شريطة ان يكون هذا الحوار مبنيا على رغبة جادة في ايجاد حلول جذرية لإشكاليات التصرف في قطاع الفسفاط.

مبادرة لإنقاذ شركة الفسفاط

و ذكر في هذا الصدد ان معهد حوكمة الموارد الطبيعية قد أطلق مبادرة جديدة تحت مسمى “نظرة جدييدة لقفصة في أفق 2050 ” ، دعا من خلالها المجتمع المدني و كل الفاعلين في قفصة إلي بلورة منوال تنموي جديد يقطع مع الاعتماد على الفسفاط و إدماج الشباب و المحتجين في هذا التصور الجديد، مقترحا انخراط رئيسة الحكومة الجديدة في هذه المبادرة.
وخلافا لقطاعي النفط والغاز، فإنّ قطاع المناجم لا يحظى بالاهتمام الكافي من قبيل جميع المتدخلين في هذا المجال.
وقال وسام الهاني إنّ الوزارة المكلفة بتسيير قطاع المناجم تشكو من قلة الإمكانيات الموضوعة على ذمتها للاضطلاع بمشمولاتها على اكمل وجه. و” نقصد بالإمكانيات الإطار البشري و المالي “، مشيرا أيضا إلى ان عدم الاستقرار الحكومي الذي عطل إمكانية وضع تصور برامج اصلاح متوسطة و بعيدة المدى حيث تولى قرابة 10 وزراء الإشراف على تسيير دواليب الوزارة خلال العشرية الأخيرة، فضلا على التغييرات الهيكلية التي طرأت على الوزارة من خلال فصلها و دمجها مع هياكل أخرى عديد المرات.
كما تحدث مدير المعهد عن عدم تطبيق المعايير الدولية المعتمدة في مجال الصناعات الاستخراجية ، حيث التزمت تونس في عديد المناسبات الانخراط في مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية و لم يتم الايفاء بهذا الالتزام الى حدود هذه اللحظة.

مراجعة مجلة المناجم

واعتبر المصدر ذاته أنّ الانضمام إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية سيُمكن من تحسين طرق التصرف في القطاع، مُؤكدا على ضرورة مراجعة مجلة المناجم التي لا تستجيب في صيغتها الحالية للتطورات التي يشهدها العالم عموما و تونس خاصة “لذا من شأن تنقيح مجلة المناجم بالاعتماد على المعايير الدولية للحوكمة و الشفافية أن يساهم في تسحين حوكمة قطاع المناجم” ، وفقا لما أكده محدثنا.
كما شدّد على ضرورة نشر التصاريح المتعلقة بالمكاسب للإطارات المكلفة بتسيير القطاع، حيث يعتبر تضارب المصالح من أبرز المخاطر إلى تحول دون إرساء تصرف سليم في القطاع ” لذا نقترح مراجعة الأطر القانونية المتعلقة بالتصريح بالمكاسب و بالمالكين الحقيقيين للشركات بما يضمن تسهيل نشر المعطيات المتعلقة بالمصالح المالية و الأشخاص الطبيعيين المساهمين في رأس مال الشركات الناشطة في القطاع المنجمي”، استنادا إلى إفادة وسام الهاني.

افريكان مانجر