أحداث عامة أخبار متفرقات

المنستير: تقاطع وتناغم بين رواية “زمن الهذيان” لرفيقة البحروي وديوان “الأنثى امرآة النبوءة” لفتحية جلاد

تحت عنوان “ملأى السنابل” نظم صالون الهادي النعمان للمركب الثقافي بالمنستير مساء أمس السبت بفضاء المعلم الأثري الرباط بالمنستير أمسية أدبية خصصت لتقديم رواية “زمن الهذيان” للجامعية والشاعرة والناقدة والروائية رفيقة البحوري، وديوان “الأنثى مرآة النبوءة” للشاعرة والإعلامية فتحية جلاد مع مراوحات موسيقية وغنائية لنادي زرياب للغناء العربي بقيادة الفنّان البشير مزالي.
وحلقت هذه الأمسية الأدبية بعشاق الإبداع في رحلة لإكتشاف تجربيتين تميزتا بالتقاطع والتناغم والتواصل بالانسجام والتلاقي الجميل بين الساردة والشاعرة إذ خرجت بنا الروائية رفيقة البحوري عن المألوف من الكتابات السردية وتناولت في هذه الرواية عالم الصحراء وعالم شخصية المرأة بعمق داخلي.
وتعيش هذه المرأة المعاناة والوضع الاجتماعي الراهن خاصة من طرف الرجل الذي يجعلها تقاسي الويلات الكثيرة فإذا بها تذهب إلى الصحراء وتقتحم مجاهل الحياة بطريقة أخرى.
وكتبت من جهتها الشاعرة فتحية جلاد عن وجدان المرأة وروحها وتطلعاتها وأحلامها وآلامها في الوقت نفسه حسب مدير صالون الهادي نعمان الحبيب المرموش.
وترفع رفيقة البحوري في “زمن الهذيان” الرواية الصادرة سنة 2023 عن دار محمّد علي للنشر والمتوجة بجائزة الاكتشاف للكومار الذهبي في الرواية لعام 2023، الغطاء عن المسكوت عنه من قضايا تنخر المجتمع لتدعو ضمنيا إلى مواجهتها “حتى نصلح أنفسنا” حسب الناقدة والشاعرة فوزية حماد التي قدمت هذه الرواية.
وتمر الشخصية الرئيسية في الرواية “هاجر” بمصاعب كثيرة جدّا ولعلّ أقسى موقف عاشته هو تخليها عن طفلها مباشرة بعد ولادته في المستشفى لإصابها باكتآب ما بعد الولادة لتطلق عليه اسم “وحيد” ظنا منها أنّه سيظل وحيدا طيلة حياته ورحلت إلى الصحراء.
وتمثل مسيرة البطلة هاجر في الصحراء غوص داخل الذات التي هشمها المجتمع لإعادة بنائها ولتعود إلى الحياة بنفسية وبروح جديدة ولتنتصر في النهاية حين اعتمدت على ذاتها وتخلصت من الزوج المنحرف النرجسي.
وما لم تقله رفيقية البحوري في سيرتها الذاتية “المياه المالحة” المتحصلة على جائزة الإبداع النسائي حول الحقوق والحريات سنة 2019 نطقت به في هذه الرواية حسب فوزية حماد.
وانتقلت بنا من جانبها الشاعرة فتحية جلاد في ديوانها الشعري “الأنثى مرآة النبوءة” الصادر في فيفري 2023 عن دار الأمينة للنشر والتوزيع من الكتابة على شاكلة القصيدة العربية التقليدية إلى القصيدة الحديثة في الشعر الحرّ وإلى نوع من أنواع الكتابة الشعرية التي تعد بعوالم أخرى لا نكاد نعرف عنها شيئا إلاّ بتفكيك الشفرات التي قام عليها خطابها الشعري النوعي الجديد الذي ينهل من قضايا المرأة العميقة ويرحل بها إلى السطح في صور فيها من الخرافة والأسطورة والنبوءة ما يجعلها عقدة تستحق دوما للتفكيك مجددا وفق الجامعي عمر الإمام.
وفي هذا الديوان من الحلم ما يؤكد أنّ مشروع الإنسانية موجود في تلك الأحلام المكبوتة في المرأة وقوة تعبيرها تكمن في هذه الرحلة عبر الأساطير وعبر رموز الإبداع الشعري التونسي الحديث ممثلة خاصة في الشابي وآدام فتحي وشكري بلعيد.
وحرصت الشاعرة فتحية جلاد على بيان مأساة المرأة المضطهدة لتضع بذلك المرتكز الذي منه يمكن أن نبني مستقلا جديدا حسب الإمام.
وتمثل هذه المجموعة الشعرية تطورا في مسيرة فتحية جلاد الشعرية فهي على درجة كبيرة من امتلاك آليات الإبداع الشعري وأدوات الإنشاء الشعري بجمالية راقية وفي بحث وتجريب متواصل عن أدوات جديدة وإبداع جديد حسب الجامعي حمادي الحلاوي.
وأضاف في مداخلة قدمها بأنّ الكون الشعري لفتحية جلاد مؤثث بجانب معرفي مهم جدّا وبخصائص أسلوبية فنية إبداعية على درجة كبيرة من الانسجام والتكامل.

Radio Monastir