أحداث عامة

إلى أين تتّجه أزمة الصيد بالشرافي؟

مازلت أزمة الصيد بالشرافي في كل من الشابة وملولش لم تبارح مكانها، في ظل احتقان في صفوف صغار البحّارة وعدم إيجاد حل جذري لهذه الأزمة من قبل سلطة الإشراف.

 

ولم ينفك البحارة يحتجون على  طريقة الصيد بالشرافي التي تتسم بالعشوائية وهو ما يهدّد لقمة عيش البحارة الصغار ويهدّد الثروة السمكية في خليج قابس باعتبار الشابة بوّابته الرئيسية، وفق ما أفاد به بسام الصغير رئيس النقابة الأساسية لبحارة الصيد الساحلي بالشابة وملولش.

 

محاولات لتغيير صبغة الشرافي..

 

وأصدر الاتحاد المحلي للشغل بالشابة وملولش والنقابة الأساسية للصيد الساحلي في الـ28 من ماي الماضي بيانا لفتت فيه إلى تواصل استنزاف الثروة السمكية بالجهة وغلق الممرات الطبيعية لعملية تكاثر الأحياء البحرية بفعل توسيع المتسوغين في مساحة استعمال شباك “الريتسا” عوض عن الجريد.

 

وجاء في ذات البيان، أن بعض الأطراف المتنفّذة حاولت التحيل على القوانين المنظمة للقطاع بتكوين لجان وهمية ليس لها أي صفة لإعداد مشاريع قوانين جديدة تمكن المتسوغين من تأبيد فسادهم في البحر، وذلك بتغييب نقابة الصيد المحلي والمعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار.

 

وتسعى بعض الأطراف، وفق ما ورد في البيان، إلى زيادة المساحات المضبوطة في الرائد الرسمي وتمكين المتسوّغين من استعمال المادة الممنوعة بتعلة عدم وفرة مادة الجريد وعدم قدرته على تغطية الاعماق الجديدة، وحرمان البحر من راحته الطبيعية في الصيف.

 

وأعرب الجهة النقابية عن رفضها لاي تغيير في القوانين المنظّمة دون تشريك كل الأطراف المعنية بالملفّ وخاصة في المرحلة الحالية، وأي تغيير في صبغة الشرافي التقليدية لذلك من تأثير كارثي على التوازن البيئي والبيولوجي، إلى جانب رفض البتتة المزمع تنفيذها يوم 25 جويليى 2019 نظرا لعدم قانونيتها في ظل عدم رفع المعدات وتمكين البحر من  الراحة الطبيعية.

 

التفاف على مطالب البحارة..

 

وعن تفاعل وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري مع احتجاجات البحارة والجهة النقابية، أشار بسام الصغير إلى أنّ سلطة الإشراف تتجاهل هذه الاحتجاجات، بل بالعكس فهي تزيد الطين بلّة من خلال الإعداد لمشروع قانون لتغيير صبغة الصيد بالشرافي، وفق قوله.

 

وكانت قد انعقدت جلسة في مقر وزارة الفلاحة أشرف عليها وزير الفلاحة والصيد البحري وكاتب الدولة المكلّف بالموارد المائية والصيد البحري بتاريخ 18 أفريل 2019، موضوعها مصائد شرافي الشابة بولاية المهدية، ومن أهم النقاط المثارة فيها  مراجعة المواصفات الفنية لمصائد الشرافي واحترام عدد غرف الصيد القانونية.

 

ومن بين النقاط الأخرى احترام الشرفية التقليدية باستعمال مادة الجريد حسب الكميات المتوفرة بولايات الجنوب التونسي مع تعهد مصالح الوزارة بصرف المنح المستوجبة طبقا لقانون الاستثمار وتكوين فريق عمل مشترك يضمّ ممثلين عن الإدارة والبحث العلمي وعدد من قدماء مصائد الشرافي وقدماء الصيد الساحلي لاقتراح احداثيات وقتية للشرافي اخذا في الاعتبار للوضعية التارخية للشرافي وأنشطة الصيد الساحلي قبل يوم 15 مارس 2019.

 

وتضمّن محضر الجلسة القيام بدراسة فنية واقتصادية يتولى الاشراف عليها المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار وذلك تمهيدا لتنقيح الإطار الترتيبي المنظّم للشرافي  قرار وزير الفلاحة المؤرخ في 28 سبتمبر 1995 المتعلّق بتنظيم الصيد البحري، وهوم ما اعتبرته الجهة النقابية التفافا على مطالب البحارة وتجاهلا للتحذيرات من الصيد بالشرافي على الطريقة الراهنة.

 

توصيات معلّقة..

 

ولا تخلو الطريقة الحالية للصيد بالشرافي من  تجاوزات كان قد رصدها المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار في تقريره  الصادر في جويلية 2016، بخصوص المعاينة الفنية لوضع المصائد الثابتة من نوع الشرافي  في جهة الشابة من ولاية المهدية.

 

وتندرج هذه المهمة في إطار تنقيح كراس الشروط المنظمة لمصائد الشرافي إذ طلب من المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار في جلسة عمل منعقدة بتاريخ 3 ماي 2016 بمقر الإدارة العامة للصيد البحري وتربية الاسماك القيام بمعاينة الوضع الحالي لتلك المصائد.

 

ومن مخرجاتها  تقديم رؤى والملامح العامة لمقترح دراسة فنية واقتصادية ينجزها المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار والإدارة العامة للصيد البحري وتربية الاسماك  والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وغيرها من الاطراف للنظر في طلبات المهنة، وساهم فيها مجموعة من الصيادين الحرفيين الذي عهدوا الصيد في الاعماق القصيرة عرض سواحل الشابة ومتسوغ من شرفية مادة ابراهيم.

 

وتضمن تقرير المعاينة توصيات من بينها تعزيز وتكثيف الرقابة على الشرافي وإلزام متسوغي الشرافي بمقتضيات أحكام القانون المنظم لهذه المصائد وأحكام كراس الشروط الخاصة بها بالخصوص مساحات الشرافي عدد غرف الصيد استعمال الجريد دون سواه تقديم احداثيات ورسم بياني للمصيدة بشكل مفصّل.

 

وجاء في التوصيات أيضا، إلزام متسوغي الشرافي بحذف كامل المعدات عند كل موسم وغيرها من التدابير وتحديث وتطوير النصوص القانونية الخاصة بهذه المصائد لإحكام إدارتها وتحديد حصص الشرافي  وحذف الشرافي غير المستغلة لتوسيع مناطق الصيد للصيادين الحرفيين وإرجاع المنظومة البحرية الى وضعها الطبيعي والتعجيل برفع مخلفات الجريد والشباك الخاصة بالشرافي المغمورة في الماء.

 

ولفت تقرير المعهد إلى عدم تنفيذ الدراسة الفنية الاقتصادية لمصائد الشرافي وذلك للتجاوزات الكبيرة التي توجد في الشرافي ومغالطة متسوغي الشرافي في طلباتهم إلى جانب عدم وجود الشرافي التقليدية  من الجريد للمقارنة.

 

تجاوزات بالجملة..

 

وفي مارس الماضي، أصدر الخبير العدلي في مادة قيس الأراضي محمد الهدار تقريرا يبيّن وجود مصائد كبسيرة تحجب المصائد القانونية، وذلك بعد تكليفه بالتوجّه الى مكان وجود المصائد نوع الشرافي بالشابة لتحديد المسافات الفاصلة بين المصيدة والاخرى  اعتمادا على قائمة الاحداثيات القانونية المرسلة من قبل الإدارة العامة للصيد البحري وتربية الأسماك لفائدة المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بالمهدية.

 

ولفت  تقرير اختبار أعدّه الخبير العدلي في الشؤون البحرية لطفي مقني لمعاينة تجاوزات متسوغي مصائد الشرافي  وارتفاع المساحات المستعملة مقارنة بالمساحات المحدّدة قاونونا إلى جانب استعمال مفرط للشباك الممنوعة بنسبة تصل الى 90 بالمائة وعدم الاستجابة لاستعمال مادة الجريد وعدم التقيّد بالمسافات الفاصلة بين المصيدة والاخرى واستعمال الغرف المعكوسة أو المقلوبة الممنوعة.

 

وورد في ذات التقرير أنّ متسوغي الشرافي يضرون ويهددون بحارة الصيد الساحلي بمنطقة الشابة وملولش في رزقهم ذلك ان طريقة استغلال العشوائية التي يمارسها متسوغي مصائد الشرافي ادت الى غلق مسالك تنقل الاسماك في خرق التراتيب المنظّمة للصيد البحري لاستعمال معدّات وتقنيات غير قانونية والاستحواذ على مساحات تتجاوز عشرات الأضعاف المساحة المحددة لهم قانونا حسب ما اثبته الاختبار.

 

كما أصبح من الصعب على بحارة الصيد الساحلي بل المستحيل عليهم الصيد في المنطقة التي يقطنون فيها وذلك لان معابر مرور الأسماك أغلقت وذبك بغلق المسافات الفاضلة بين الشرفية والأخرى التي كانت تقدر من 600 إلى 1400.

المصدر حقائق اونلاين