كشفت دراسة حديثة أنجزها مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث “كوثر” عن “الشمول المالي في تونس”، أن 76 بالمائة من الشباب في تونس لا يثقون في القطاع المالي.
وبينت الدراسة التي ركزت على تحليل واقع الشمول المالي في تونس لجهة العرض والطلب، أن الشباب أصحاب المشاريع الصغرى يعانون من نقص كبير في الثقافة المالية حيث تهيمن المعلومات السطحية وغير الصحيحة على معارفهم.
وقد عبر 76٪ من الشباب المستجوب عن عدم ثقتهم في القطاع المالي، وعن ضعف النسيج المؤسسي العام، خاصة في المناطق الداخلية بسبب المحسوبية والتكاليف ومتطلبات الأهلية للحصول على التمويل.
وحسب الدراسة أيضا، يبلغ مستوى الوصول إلى حساب بالنسبة إلى الحرفاء المؤهلين للحصول على تمويل أصغر والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 35 سنة، 45 ٪ (44 ٪ للنساء و 48 ٪ للرجال).
وفي هذا السياق، تعاني المناطق الريفية من المزيد من الاستبعاد (29٪ فقط مقابل 55٪ في المناطق الحضرية). وتبلغ نسبة اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻧﺳﺎﺋﯾﺔ 44٪ ﻣن اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ. وهي ﺗﺧﺗﻟف ﻣن ﺣﯾث اﻟﺑﯾﺋﺔ وﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻌﻟﯾم (47٪ في اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺣﺿرﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑـ 29٪ في اﻟﻣﻧﺎطق اﻟرﯾﻔﯾﺔ). كما يزيد معدل دخول النساء مجال ريادة الأعمال النسائية مع ارتفاع مستوى التعليم.
وتضمنت الدراسة أربعة أجزاء، خصص الأولى لمسح قطاع الخدمات المالية، وتضمن الثاني قراءة نقدية لقطاع التمويل الأصغر في تونس. واهتم الجزء الرابع بالبحث في تصورات وانتظارات رواد الأعمال من النساء والشباب من قطاع التمويل الأصغر، فيما خصص الجزء الرابع لتحديد أثر التمويل الأصغر على الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمالية على النساء والشباب.
وقد أنجزت الدراسة في جانبها الكيفي استنادا إلى 08 حوارات مركزة ومقابلات فردية مع إطارات بمؤسسات التمويل، وفي جانبها الكمي من خلال عيّنة شملت 1000 حريف وحريفة لمؤسسات الإقراض : “ميكروكريد” و”تيسير” و”أندا”.
وقد تبين استنادا إلى نتائج الدراسة أن النساء والشباب من ذوي المستوى التعليمي المتوسط والمنتمين إلى الأسر الأكثر تضررا بالبطالة هم الأكثر نفاذا للتمويل الأصغر. وأن النساء يمثلن أكبر نسبة من العملاء في أول تجربة للاقتراض، إلا أن الرجال هو أكثر ولاء عند التجديد.
ووفق نتائج الدراسة، عادة ما تختار النساء لاسيما في المناطق الريفية، مؤسسة التمويل الأصغر وفقا لمعايير الأمن المالي وإمكانية الوصول إلى الوكالات، ويشير الأمن المالي إلى قدرة المستخدم على التحكم في النفقات اليومية والقدرة على استيعاب الصدمات المالية والمعرفة بالمخاطر.
وفي علاقة بسمعة مؤسسات التمويل الأصغر، تتسم مؤسسات التمويل الأصغر في تونس الكبرى بجودة خدماتها ومهارات موظفيها على عكس المناطق الداخلية حيث اشتكى الرواد من النساء والشباب من عدم إمكانية الوصول إلى المعلومات المطلوبة، ويعتبر النفاذ إلى المعلومات الصحيحة بمثابة امتياز يتمتع به المقربون في هذا المناطق.
وأفضت الدراسة أيضا إلى أن البيئة المؤسسية للقطاع المالي التونسي غنية ومتنوعة لكن العرض لا يفي بحاجيات جزء كبير من السكان، وأن قطاع التمويل الأصغر يعتبر قطاعا متناميا يوفر مجموعة من المنتجات المتنوعة يركز على اسناد القروض الصغرى دون الخدمات التكميلية الضرورية كالتثقيف المالي، وهو ما يفسر الطلب الكبير لرواد الأعمال الشباب على المرافقة الشخصية وعلى التدريب في مجال المهارات الادارية والتثقيف المالي.
وأوصت الدراسة بضرورة أن يستهدف التثقيف المالي جميع الفئات من خلال اعتماد آليات موجهة للنساء والوسط الريفي والوسط المدرسي والجامعي، وبمزيد التوعية بأهمية التأمين والضمان الاجتماعي ودعم قطاع التأمين على الحية والاندماج في القطاع المهيكل. كما دعت إلى أهمية تشجيع مؤسسات التمويل الأصغر على الأداء الاجتماعي بالتوازي مع الأداء المالي.
المصدر نسمة