أحداث عامة

مئات النقابيين يتقاضون مرتب دون مباشرة عملهم

أعادت أزمة التعليم الثانوي التي تعيشها بلادنا اليوم إلى الساحة مسألة التفرغ النقابي وأصبح السؤال يطرح بقوة هل يمكن أن تعتمد وزارة التربية مسالة التفرغ النقابي ورقة ضغط في مفاوضاتها مع الجامعة العامة للتعليم الثانوي بعد أن طرحت المسالة في 2017 إثر أزمة مشابهة. وراجت أخبار مفادها أنه تم الغاء التفرغ النقابي لتكون مجرد اشاعة.
وبعيدا عن وزارة التربية، تبقى مسألة التفرغ النقابي يلفها الغموض خاصة وأن قانون الوظيفة العمومية لا يوضح بشكل جلي كيفية التفرغ وشروطه بعد أن تم إلغاء هذه النقطة عقب ثورة 2011.
ومنذ تولي محمد عبو في 2012 مقاليد وزارة الوظيفة العمومية تم الغاء العمل بالتفرغ النقابي ليعوض بترخيص يتجدد كل ثلاثة اشهر. وقد أوضح الأمين العام المساعد مسؤول الإدارة والمالية بالاتحاد العام التونسي للشغل أبو علي المباركي في تصريحات إعلامية أنه يستغرب من إيقاف العمل بالتفرغ للمسؤولين النقابيين المنتخبين وذلك منذ ثورة 14 جانفي، وعاد إلى موقف مجمع الوظيفة العمومية الذي دعا الحكومة إلى فتح ملف التفرغ النقابي تسوية وإنهاء.
ويتخوف الشارع النقابي من حالة الصمت المطبق للحكومات المتعاقبة بعد الثورة في خصوص تسوية ملف التفرغ النقابي ذلك أن عددا من المسؤولين النقابيين في الاتحادات الجهوية والنقابات العامة يحق لهم وحسب القانون التمتع بالتفرغ من العمل.
وكان مجمع الوظيفة العمومية قد دعا إلى فض الإشكالات العالقة ومنها استكمال التفاوض في القانون عدد 112 لسنة 1983 بنسق أسرع والتعجيل بإصدار تنقيحات الفصل الثاني من النظام الأساسي العام لأعوان الوظيفة العمومية والقاضية بحق القطاعات في قانون خاص.
واستغرب أبو علي المباركي خلال اجتماع نقابي دعت له النقابة العامة للتخطيط والمالية وكذلك حفيظ حفيظ الأمين العام المساعد مسؤول الوظيفة العمومية من عدم طرح مسألة التفرغ للنقابيين في قطاعات الوظيفة العمومية.
ويخشى النقابيون من القيادات العليا والوسطى في المنظمة الشغيلة أن يكون هذا الصمت الحكومي في تسوية مسألة التفرغ النقابي يعود إلى استعمال الأمر ورقة ضغط في التفاوض القطاعي مع النقابيين.
من جهتها اكدت روضة عيفة عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي في تصريح لـ”24 /24″ أن التفرغ النقابي كان معمولا به قبل 2011 وتم إلغاؤه سنة 2012 مع وزير الوظيفة العمومية السابق محمد عبو ليتم تعويضه برخص نقابية تجدد كل ثلاثة أشهر، مشيرة إلى أن الجامعة العامة لم تجد أي إشكال في التعامل بالترخيص النقابي .
وقالت عيفة إنه يتم إمضاء هذه الرخص من طرف المكلفين بالنظام الداخلي. وأضافت أن قانون الوظيفة العمومية يجب أن يحتوي على بند يتعلق بالتفرغ النقابي وأن يكون متماشيا مع العصر وأن يعاد النظر في قانون التأجير ومنحة الأطفال ومنحة الزوجة .وأشارت عيفة إلى أن الاتحاد منكب الآن على مسألة الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية وأن مسألة التفرغ النقابي ستطرح لاحقا .
ويوفر التفرغ إمكانية تسخير كافة الطاقات للإطارات العليا من أعضاء الجامعات والهيئة الإدارية والاتحادات الجهوية للعمل النقابي ومتابعة الندوات والتكوين.
ورأت الحكومة وخاصة وزارة الوظيفة العمومية ومكافحة الفساد، في وقت سابق، ضرورة مراجعة المقاييس والآليات لأن التفرغ في عدة مؤسسات عمومية ومنشآت اقتصادية لا ضوابط له ولوحظ أن عددا من الكتّاب العامين للنقابات الكبرى في التعليم والمنشآت الاقتصادية يعملون في مؤسساتهم ولا يتمتعون بالتفرغ.
وعلّق الكاتب نور الدين الغيلوفي في احدى تدويناته على التفرغ النقابي وقال: “اليوم صارت أغلب الإدارات، لفرط الفساد بها، تغضّ الطرْفَ عن المتفرّغين للعمل النقابيّ الذي لا أفهمه.. تَصْرِفُ أجورَهم صاغرةً في تعاقد ضمنيّ أو صريح بين جهتين تخرقان القوانين المرعيّة”.
وتساءل الغيلوفي أما كان أحرى بالاتّحاد العام التونسي للشغل أن يصرف جرايات مناضليه المتفرّغين؟ ألا يكون وقتها أشدَّ حرصًا على أن ينجزوا له وللبلاد ما يفيد؟ أليس العمل النقابيّ تطوُّعيا؟ ألا يقتضي التطوّع تضحية؟
وتابع الكاتب: “من غرائب ما نشهد بمؤسَّساتنا أنّ العامل يتفرّغ ولكن بالتقسيط.. يستظهر بوثيقة كلَّ ثلاثة أشهر، مثلا، فتكون الإدارة التي يعمل لديها عاجزةً عن انتداب غيره لأن موقعه يحمل اسمه. وعاجزةً عن ترك مكانه شاغرًا فهي مجبَرَة على سدّ الشعور أثناء غيابه”.
جدير بالذكر أنّ المعنيين بالتفرغ النقابي هو أعضاء المكتب التنفيذي المركزي وأعضاء المكاتب التنفيذية للاتحادات الجهوية وأعضاء الجامعات والنقابات العامة وآخرين. وقدّر مصدر نقابي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ”24/24″ عدد النقابيين المتفرغين بحوالي 630 موظفا.
وإذا قدّرنا معدّلا عاما لأجور هؤلاء الموظفين بـ1100 دينار للفرد الواحد، تكون التكلفة الشهرية للتفرغ في حدود 693 ألف دينار، أي ما يعادل 8,316 مليون دينار سنويا.
وينصّ الفصل 59 من القانون عدد 112 لسنة 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، على أنّه “يجب أن يكون كل موظف في حالة قانونية، وهي حالات: المباشرة والإلحاق وعدم المباشرة وتحت السلاح”.
ونصّ الباب الثالث المتعلق بالعطل، في القانون نفسه، على أنّ العطل تنقسم إلى:
عطل إدارية وتشمل عطل الاستراحة والعطل الاستثنائية.
عطل لأسباب صحية وتشتمل على عطل المرض العادي وعطل المريض طويل الأمد وعطل الولادة وعطل الأمومة.
عطل للتكوين المستمر
عطل دون مرتب
وعرّف القانون العطل الاستثنائية (المطة 5 و6) بكونها تمنح بمناسبة انعقاد المؤتمرات المهنية الجامعية والقومية والدولية أو اجتماع الهيئات المديرة وذلك لفائدة الموظفين الممثلين للنقابات والمنتدبين بصفة قانونية أو لفائدة الأعضاء المنتخبين بالهيئات المديرة. وبمناسبة انعقاد مؤتمرات الأحزاب السياسية والمنظمات القومية ومنظمات الشباب.

المصدر تونس الأن