أحداث عامة أخبار متفرقات

المنستير: الحشرة القرمزية تهدّد تراثا فلاحيا وثروة طبيعية هائلة من “طوابي الهندي” أمام نقص الموارد والتجهيزات.

تبدو ألواح التين الشوكي وقد توشّحت ببقع قطنية ذات بياض ناصع جميلة للناظر في الوهلة الأولى، غير أنّه مع الإمعان فيها سرعان ما ينتبه إلى أنّ العديد منها فقدت نضارتها ولونها الأخضر المنعش ليتحوّل إلى لون أصفر باهت مع ذبولها فجفافها تماما، ليتفطّن عندها أنّها ليست قطرات من الجير النافع أو من الثلج بل إنها آثار الحشرة القرمزية التي أتت على “طابية الهندي”، وهي التسمية الشعبية للتين الشوكي التي زرعها الأجداد منذ القرن ال19 أو منذ القرن العشرين، وظلوا يعتنون بها جيلا بعد جيل.
وأفادت رئيسة مصلحة حماية النباتات بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالمنستير، سنية قاسم، اليوم الأربعاء 19-10-2022، بان الحشرة القشرية القرمزية تصيب غراسات التين الشوكي، وهي من الحشرات العابرة للحدود ومن أكثرها فتكا بالتين الشوكي، إذ أنّها ثاقبة وماصة لعصارة ألواح التين الشوكي “الضلف” وثماره “الهندي” حسب التسمية الشعبية.
وتنطلق الإصابات من ساق النبتة لتتجه نحو الألواح والثمار وتظهر على شكل مادة شمعية قطنية بيضاء اللون تفرزها الحشرة لحماية نفسها، وعند الإصابات الشديدة فإنّ غراسات التين الشوكي تجف وتموت.
وتتنقل يرقات الحشرة القرمزية بشكل سريع عن طريق الرياح والإنسان والأدوات الزراعية والحيوانات، وخاصة المواشي التي تلتصق بصوفها إذ سجلت المندوبية 90 في المائة من الإصابات في مناطق سكنية بالجهة.
وأشارت قاسم إلى أعوان المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالمنستير لمسوا وعيا بالمشكلة لدى جلّ الفلاحين، غير أنّ البعض منهم كان رافضا لعملية قلع غراسات التين الشوكي المصابة ولم يُعلم عنها، ما اضطر المندوبية إلى الإستعانة بالقوة العامة في وضعيات لا تتجاوز 5 في المائة من مجموع الحالات المعلن عنها بالجهة”، مثمنة جهود الحرس الوطني الذي وفر لهم ظروف عمل طيّبة، وفق تأكيدها.
وحدّدت مصالح المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالمنستير إلى حدّ اليوم المساحات المصابة بالحشرة القرمزية بخمسة آلاف متر خطي وقع التدخل على مساحة 4500 متر خطي منها، وهي نسبة متقدمة، كما شملت المداواة الكيميائية 25 ألف متر خطي باعتبارها تتم في محيط 500 متر من المنطقة الموبوءة، وفق نفس المصدر.
وتتواصل عمليات التحسيس والاستكشاف المبكر والتدخل السريع لتطويق البؤر الموبوءة حسب إمكانيات المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالمنستير وبدعم من البلديات والمجامع المائية والخواص، وذلك في انتظار تفعيل اللّجنة الوطنية المستعجلة المكلّفة بمكافحة الحشرة القرمزية حتى يتسنّى تطويق المناطق الموبوءة في أقرب الآجال، غير أنّه لابّد من مزيد تركيز الحضائر على مستوى الحدود الإدارية بين ولايتي المنستير والمهدية لقلع مساحات التين الشوكي المؤبوءة والمداواة قصد خلق فراغ نباتي خال من التين الشوكي بين الولايتين وبين ولايتي المنستير وسوسة، توقيا من انتشار الحشرة القرمزية إلى مناطق الإنتاج وخاصة منها ولاية القصرين.
وتؤكد رئيسة مصلحة حماية النباتات أنّه تم اعتماد حواجز ترابية لتعويض مساحات التين الشوكي أو “الطوابي” التي تستعمل كحواجز بين المستغلات الفلاحية أو لحماية المساكن من السرقات أو لتثبيت التربة من الانجراف.
وتواصل المندوبية على غرار بقية المندوبيات بالجمهورية، إحصاء المساحات المغروسة من التين الشوكي سواء المخصّصة للإنتاج أو لغير الإنتاج.
وينتظر الجميع حاليا نتائج البحث العلمي الجاري بشأن تحديد أصناف أخرى من التين الشوكي المقاومة للحشرة القرمزية والتي يمكن للفلاحين لاحقا غراستها وإعادة إحياء هذا التراث الحضاري الفلاحي، وهذه الثروة الطبيعية الهائلة التي تنتظر تثمينها أكثر في الجهة بطرق علمية إلى منتوجات ذات قيمة مضافة عالية، باعتبارها مطلوبة جدّا في السوق العالمية.
اذاعة_المنستير