لقد أدّت التطورات في علوم وتكنولوجيا الأغذية – خلال الخمسين سنة الماضية – إلى اكتشاف العديد من المواد الجديدة التي يمكن أن تؤدي وظائف عديدة في الأغذية، بحيث إنها تحسن من جودتها أو تطيل عمرها، وغير ذلك من الميزات الأخرى التي يمكن أن تمنحها إياها، وقد أطلق عليها اصطلاحاً (الإضافات الغذائية)، وهذه الإضافات الغذائية متاحة الآن بسهولة.
* أنواع الإضافات الغذائية
– مضادات الأكسدة (لمنع تفاعل الدهون مع الأكسجين مما يؤدي إلى تغيرات في اللون).
– الملونات (لتحسين أو استعادة أو إضافة لون).
– المستحلبات والمثبتات وعوامل التثخين (للمساعدة في مزج المكونات).
– المواد الحافظة (لتحسين العمر الافتراضي عن طريق منع التلف الجرثومي).
– المحليات (لتقديم الطعم الحلو).
وقد نعتقد أن الإضافات الغذائية أمر حديث العهد، إلا أنها في الواقع استخدمت منذ قرون عديدة، فقد بدأت المحافظة على الغذاء عندما تعلم الإنسان أول مرة حماية طعامه من موسم حصاد إلى آخر، وراح يملّح اللحوم والأسماك ويدخّنها لحمايتها من التلف، كما استخدم المصريون القدماء الملونات والمنكهات، واستخدم الرومان المملحات (نترات البوتاسيوم) والتوابل والملونات للحفاظ على الأطعمة وتحسين مظهرها.
ويستخدم الطهاة اليوم بشكل منتظم مسحوق الخبز كرفع العجين، وكذلك المثخّنات لمنح الصلصات القوام، والألوان لتحويل المواد الخام عالية الجودة إلى أغذية آمنة وصحية وممتعة في تناولها كطعام.
سنتعرف في هذه المقالة على مفهوم الإضافات الغذائية بشكل موسّع، وأبرز أنواعها المعتمدة أوروبياً، وسبب الحساسية من بعضها.
* ما هي الإضافات الغذائية؟ ولماذا هي ضرورية؟
تُعرَّف الإضافات الغذائية بأنها “أي مادة لا تُستهلك عادةً كغذاء في حد ذاته، ولا تُستخدم عادةً كمكون مميز للطعام سواء كانت له قيمة غذائية أم لا”، وقد يكون الهدف من الإضافة الغذائية تقنيا في التصنيع، مثل المعالجة أو التحضير أو التعبئة أو النقل أو تخزين هذه المنتجات الغذائية، أو قد يكون من المتوقع أن ينتج عنها، أو أن تصبح منتجاتها الثانوية، مكوناً مباشراً أو غير مباشر من هذه الأطعمة.
تحدث العديد من الإضافات الغذائية بشكل طبيعي، ويؤخذ بعضها من العناصر الغذائية الأساسية؛ وهذا هو الغرض الفني الذي يؤدي إلى تصنيفها على أنها مضافات غذائية وتعطى (الرقم E).
وتقوم الإضافات الغذائية بدورٍ هامٍ في الإمدادات الغذائية المعقدة الحالية، إذْ لم يسبق أن كان نطاق الأطعمة واختيارها واسعاً للغاية سواء في محلات السوبر ماركت، أو متاجر الأطعمة المتخصصة، أو عند تناول الطعام بالخارج.
وفي حين أن نسبة السكان المنخرطين في إنتاج الغذاء الأساسي تتقلص، فإن المستهلكين يطالبون بمزيد من التنوع والاختيار والراحة إلى جانب معايير أعلى للسلامة والكمال وبأسعار معقولة.
في ظل هذه المتطلبات لا يمكن تحقيق هذه التوقعات للمستهلكين إلا باستخدام تقنيات معالجة الأغذية الحديثة؛ التي تشمل استخدام مجموعة متنوعة من الإضافات الغذائية التي أثبتت فعاليتها، ومأمونيتها من خلال الاستخدام الطويل والاختبار الصارم.
تقوم الإضافات بمجموعة متنوعة من الوظائف المفيدة التي غالباً ما نعتبرها أمراً مفروغاً منه؛ حيث تتعرض الأطعمة للعديد من الظروف البيئية، مثل التغيرات في درجات الحرارة والأكسدة والتعرض للميكروبات، والتي يمكن أن تغيّر تركيبتها الأصلية.
لذلك فإنّ الإضافات الغذائية تقوم بدورٍ رئيس في الحفاظ على الصفات الغذائية والخصائص التي يطلبها المستهلكون، إضافةً لحفاظها على الغذاء آمناً وصحياً وجذاباً من المزرعة إلى المائدة.
ويتم تنظيم الإضافات الغذائية بعناية فائقة وفق المعايير العامة لاستخدامها بأنها تؤدي غرضاً مفيداً، وأنها آمنة ولا تضلل المستهلك.
* ما هي أبرز الإضافات الغذائية؟
قبل أن ندخل في التعرف على قائمة أبرز الإضافات الغذائية المعتمدة من قبل الاتحاد الأوروبي بشكل مفصّل، مع تقديم أمثلةٍ لكل نوع منها، دعونا نجيب عن السؤال.. ماذا يعني (الرقم-E) الذي سيمرّ معنا كثيراً؟
وفي الواقع يشير (الرقم-E) إلى موافقة الاتحاد الأوروبي على المادة المضافة، وللحصول على هذا الرقم، يجب أن تكون المادة المضافة قد تم تقييمها بشكل كامل للتأكد من سلامتها بواسطة الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية (SCF)، ويعمل نظام (الرقم-E) أيضاً كطريقة بسيطة ومريحة لتصنيف المواد المضافة المسموح بها عبر مجموعة اللغات في الاتحاد الأوروبي.
1- المحليات
وهي الإضافات التي تعطي مذاقاً حلواً للأطعمة أو مواد تحلية المائدة، ويتم استخدامها لصنع أنواع منخفضة السعرات الحرارية من الأطعمة والمشروبات.
2- الملونات
وهي تعمل على إضافة أو استعادة ألوان الأطعمة، ويمكن إضافتها إلى الطعام للأسباب الرئيسة الآتية:
– للتعويض عن فقدان اللون بسبب التعرض للضوء، والهواء، وأقصى درجات الحرارة والرطوبة وظروف التخزين.
– للتعويض عن الاختلافات الطبيعية أو الموسمية في المواد الخام الغذائية أو آثار المعالجة والتخزين لتلبية توقعات المستهلكين (مع ذلك، فإن إخفاء الجودة الرديئة تحت غطاء الألوان يعد استخدام غير مقبول للألوان).
– لتعزيز الألوان التي تحدث بشكل طبيعي، ولكن بمستويات أضعف من تلك المرتبطة عادة مع طعام معين.
3- المواد الحافظة
وهي تعمل على إطالة عمر الأطعمة على الرف، وذلك عن طريق الحماية من فقدان الجودة التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة، أو الحماية من نمو الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض.
4مضادات الأكسدة
وهي تعمل على إطالة عمر الأطعمة عن طريق الحماية من الأكسدة، والأكسدة هي العملية التي تتدهور فيها جودة الطعام، حيث يتفاعل مع الأكسجين من الهواء، مما قد يؤدي – على سبيل المثال – إلى أن تصبح الدهون رائحتها زنخة، أو يتحول لون الثمار إلى البني.
5- الأحماض
تزيد الأحماض من حموضة الأطعمة أو تعطي مذاقاً حامضاً لها، حيث إنها تغير أو تتحكم في حموضة أو قلوية الأطعمة.
6- عوامل مكافحة التكتل
وهي عوامل تمنع الأطعمة المجففة أو الحبيبية من الالتصاق ببعضها بعضاً.
7- عوامل منع الرغوة
وهي عوامل تمنع أو تقلل من ظهور الرغوة.
– المستحلبات
وهي إضافات تعمل على خلط الماء والزيوت معاً بشكل مستحلب.
9- أملاح الاستحلاب
تعمل أملاح الاستحلاب على تحويل البروتينات الموجودة في الجبن إلى شكل مشتت، ولإنشاء توزيع متساوٍ للدهون، والمكونات الأخرى.
10- المثبتات
تعمل المثبتات على تقوية هيكل الطعام لإبقائه ثابتاً أو هشاً.
11- معززات النكهة
تدعم معززات النكهة النكهات أو الروائح الغذائية الحالية، وهي تختلف عن “المنكهات”، التي تضاف لمكونات الطعام من أجل نقل أو تعديل الرائحة أو الطعم.
12- عوامل صنع الرغوة
وهي عوامل تساعد في صنع الرغوة عن طريق نشر الغاز في المكونات السائلة أو الصلبة.
13- المثخنات
يعمل “المثخن” و”عوامل التثخين” على تحسين قوام الأطعمة عن طريق زيادة اللزوجة، أو السماكة، أو عن طريق تشكيل هلام، وهي تجعل “العوامل المضخّمة” تزيد من حجم الأطعمة دون تغيير كبير في الطاقة التي توفرها.
14- المثبتات
يتم استخدام المثبتات لجعل الأطعمة تحافظ على الحالة الفيزيائية والكيميائية للأغذية لفترة أطول، كأن نحافظ على المستحلبات المستقرة لفترة أطول، أو الحفاظ على لون الطعام أو ربط قطع الطعام في الأطعمة المعاد تشكيلها.
15- عوامل التزجيج
يتم تطبيق عوامل التزجيج على السطح الخارجي للطعام لإعطاء مظهرا لامعا أو طبقة واقية.
16- المرطبات
تمنع المرطبات الأطعمة من الجفاف أو تساعد المكونات المسحوقة على الذوبان في الماء.
17- النشويات المعدلة
وهي عبارة عن نشاء صالح للأكل تم تغيير واحد أو أكثر من خصائصه الأصلية، ويتم تعديلها لتحسين بعض الخصائص مثل مقاومة الحرارة أو التبريد أو التجميد أو لتغيير بنيتها.
18- غازات التعبئة
المقصود بها الغازات من غير الهواء، حيث يتم إدخالها في عبوة الطعام قبل أو أثناء أو بعد وضع الطعام داخلها، والهدف منها المساعدة في الحفاظ على جودة الأطعمة.
19- المواد الدافعة
تساعد المواد الدافعة في إخراج الأطعمة من أوعيتها.
20- عوامل الرفع
تؤدي عوامل الرفع إلى إطلاق الغاز؛ مما يزيد من حجم العجين أو الخليط.
21- عوامل معالجة الدقيق
تضاف عوامل معالجة الدقيق إلى الدقيق أو العجين لتحسين جودة الخبز.
* هل يمكن أن تسبب الإضافات الغذائية الحساسية أو ردود فعل عدم تحمل للطعام؟
كان هناك الكثير من القلق العام من أن الإضافات تسبب ردود فعل سلبية على الرغم من أن التحقيقات الدقيقة تظهر أن هذا يعتمد غالباً على سوء الفهم بدلاً من ردود فعل سلبية محددة؛ إذْ نادراً ما يظهر أن الإضافات الغذائية تسبب ردود فعل تحسسية (مناعية) حقيقية، ومن بين الإضافات الغذائية التي أبلغ عنها أنها تسبب ردود فعل سلبية هي:
1. الملونات
تم الإبلاغ عن ردود الفعل على التارترازين (E102، لون الطعام الأصفر)، والكارمين (E120 أو كوشينيل الأحمر) من حين لآخر لدى الأشخاص الحساسين، وقد تشمل الأعراض الطفح الجلدي واحتقان الأنف والقشعريرة، وعلى الرغم من أن نسبة الإصابة بها منخفضة للغاية (تقدر بحوالي 1-2 أشخاص بين كل 10000 شخص) وهي نادرة للغاية، وقد تم الإبلاغ عن تفاعلات الحساسية IgE بوساطة الكارمين، كما تم الإبلاغ عن التارتازين في الإصابة بالربو لدى الأفراد الحساسين، على الرغم من أن معدل الإصابة به منخفض للغاية.
2. الكبريتات
مجموعة واحدة من المواد المضافة التي يمكن أن تسبب مشاكل لدى الأشخاص الحساسين هي عوامل الكبريت، وتتضمن هذه المجموعة العديد من إضافات الكبريتات غير العضوية (E 220-228)، بما في ذلك كبريتات الصوديوم، وثاني كبريتات البوتاسيوم والميتيسلفيتيت المحتوية على ثاني أكسيد الكبريت (SO2)، وبالنسبة لبعض الأفراد المصابين بالربو، قد تؤدي الكبريتات إلى الإصابة بالربو الذي تتسم أعراضه بصعوبة في التنفس، وضيق في الصدر، والصفير والسعال.
-
الغلوتامات أحادية الصوديوم (MSG) والأسبارتام
تتكون الغلوتامات أحادية الصوديوم من الصوديوم وحمض الغلوتاميك، وحمض الغلوتاميك هو حمض أميني موجود بشكل طبيعي في الأطعمة الغنية بالبروتين مثل اللحوم ومنتجات الألبان مثل جبن الكامبيرت (وهو جبن فرنسي دسم وطري)، والغلوتامات أحادية الصوديوم هي أيضاً مُحسِّن للنكهات تستخدم في الوجبات الجاهزة، وبعض الأطعمة الصينية، وبعض الصلصات والحساء.وقد تم “إلقاء اللوم” على الغلوتامات أحادية الصوديوم بأنها تسبب مجموعة متنوعة من الآثار الجانبية بما في ذلك الصداع والتنميل في الجسم، ولكن الدراسات العلمية لا تظهر أي صلة بين الغلوتامات أحادية الصوديوم وهذه التفاعلات التي تشير إلى أن بعض المكونات الأخرى للوجبة، أو حتى الاستجابات النفسية، قد تكون مسؤولة عن أي آثار ضارة.
وبالمثل، تم إلقاء اللوم على الأسبارتام ذي التحلية عالية الكثافة على أنه المتسبب في مجموعة واسعة من الآثار الضارة، والتي لم يتم التحقق من صحة أي منها بواسطة الدراسات العلمية.
*** خلاصة القول
في حين أن الإضافات الغذائية لا تشكل أي مشكلة لمعظم الناس، فإن عدداً قليلًا من المصابين بحساسية معينة قد يكون حساساً لبعض الإضافات الغذائية، ويبدو أنه عندما يكون للمضافات الغذائية تأثير سلبي، فإنها تؤدي إلى تفاقم الحالة الموجودة مسبقاً ولا تعمل على تحريضها.لذلك يجب التحقق من صحة ردود الفعل السلبية هذه، التي نادراً ما تسبب الحساسية، وكذلك الأطعمة أو المكونات الغذائية المسؤولة، من قبل أخصائي صحي أو اختصاصي تغذية لضمان عدم فرض قيود غذائية غير ضرورية.
ونظراً لأن جميع الإضافات الغذائية مصنفة بوضوح، فإن الأشخاص الذين لديهم حساسيات محددة والذين يعتقدون أن لديهم حساسية تجاه الإضافات الغذائية، يمكنهم ببساطة تجنب أي مواد قد تسبب مشاكل لهم.