أحداث عامة

إرتفاع نسبة الاقتراض الأسري إلى 117%

بات الاقتراض تقليداً راسخاً لدى الأسر التونسية، حيث كشفت بيانات رسمية حديثة عن ارتفاع نسبة الاستدانة لدى هذا القطاع بنسبة 117% منذ عام 2010 وحتى منتصف العام الجاري، وأصبح ربع العائلات يدفع أقساطا شهرية للمصارف، رغم توجه البنك المركزي نحو تحجيم القروض الاستهلاكية بمواصلة رفع نسب الفائدة التي عدّلت في ثلاث مناسبات العام الحالي.

ويمثل ضعف الرواتب مقابل ارتفاع كلفة المعيشة أبرز أسباب إقبال التونسيين على القروض، حسب دراسة حديثة يعدها المعهد الوطني للاستهلاك الحكومي في إطار رصده للتغيرات في السلوك الاستهلاكي لدى التونسيين في السنوات الثماني الأخيرة.

وكشفت الدراسة، التي حصلت “العربي الجديد” حصريا على بعض نتائجها، أن 36.5% من التونسيين لديهم فرد على الأقل في العائلة بصدد سداد قرض بنكي و10.3% لديهم فردان في حالة سداد، فيما يلجأ 19.6% منهم بصفة مستمرة إلى قضاء حاجياتهم عبر الاقتراض وهم في حالة سداد دائمة للديون.
وسجّل إجمالي القروض التي حصلت عليها الأسر من ديسمبر  2010 إلى جوان 2018 زيادة بـ117%، ليبلغ حاليا 23.1 مليار دينار (8.5 مليارات دولار)، كما زادت القروض المسندة من البنوك خلال الفترة الماضية من العام الجاري بـ765 مليون دينار (283 مليون دولار)، مقابل 1141 مليون دينار (422 مليون دولار) في الفترة ذاتها من سنة 2017.

وقال المدير العام لمعهد الاستهلاك طارق بن جازية، إن الدراسة أثبتت أن نحو 540 ألف أسرة دخلت في دوامة التداين المغلقة، ما يجعلها تقترض لسداد قروض سابقة، مشيرا إلى أن 80% من هذه القروض طويلة أو متوسطة المدى، تراوح مدة سدادها ما بين 15 و20 عاما.
وأضاف بن جازية أن الإفراط في التداين تسبب في زيادة قائمة القروض غير المستخلصة التي ارتفعت إلى نحو 919 مليون دينار من جملة 23 مليار دينار إجمالي قروض التونسيين، أي بنسبة 4.07% إلى حدود نهاية 2017.

وتسجل ذروة الإقبال على القروض، بحسب بن جازية، في السنوات الأخيرة، في أشهر جوان وجويلية واوت  ثم في جانفي.
ويفسر بن جازية زيادة نسب اللجوء إلى البنوك بحثا عن التمويلات في هذه الأشهر بالذات بسبب تواتر مواسم الاستهلاك (رمضان والعطلة الصيفية وعيدا الفطر والأضحى ثم العودة المدرسية)، معتبرا أن الأجراء لم يعودوا قادرين على مجابهة سيل المصاريف بإمكانياتهم الشخصية، ما يدفعهم إلى الاقتراض.

وأفاد بأن من التحولات الاستهلاكية التي شهدها المجتمع التونسي أن الاحتفالات بنهاية العام باتت تستأثر بحيز من المصاريف، وهو ما يفسر العودة الى الاقتراض في شهر ديسمبر ، بحسب قوله.

ويستأثر تمويل السكن بالقسط الأكبر من قروض التونسيين وذلك بنحو 10.6 مليارات دينار (3.9 مليارات دولار)، ثم تمويلات تحسين المساكن بـ9.3 مليارات دينار (3.4 مليارات دولار)، و3 مليارات دينار (1.1 مليار دولار) للقروض الاستهلاكية، فيما يستأثر تمويل شراء العربات بـ312 مليون دينار.
ويقول المدير العام لمعهد الاستهلاك إنه رغم تطور إقبال التونسيين على القروض، إلا أن معدل التداين الأسري في تونس يبقى ضعيفا مقارنة بالمعدلات في محيط دول المنطقة والعالم، مقدرا نسبة التداين العائلي من إجمالي الدخل المتاح للأسر بـ31%، وهي نسبة ترتفع إلى 93% في فرنسا و98% في إسبانيا، وفق تأكيده.

ويعاني التونسيون من ضعف الأجور وتآكلها بسبب زيادة نسبة التضخم وعدم تغطية الزيادات في المعاشات التي يحصلون عليها سنويا للزيادة المتواصلة في أسعار المواد المعيشية.

وحسب تقارير رسمية، استقر معدل التضخم في تونس عند 7.5% في اوت، دون تغيير كبير عن مستواه في جويلية، بعدما بلغ 7.8% في جوان.

ويتوقع البنك المركزي التونسي أن يصل معدل التضخم إلى 7.8% هذا العام، وأن ينخفض إلى سبعة بالمئة في العام المقبل.

وتواصلت موجات الغلاء في ظل إجراءات تقشفية اتخذتها حكومة يوسف الشاهد وسط أزمة مالية خانقة تعاني منها البلاد.

وحسب مراقبين، فإن ارتفاع قروض الاستهلاك هي نتيجة حتمية لتدهور القدرة الشرائية، وأنّ الأرقام التي تقدمها البنوك أو البنك المركزي عن حجم تداين العائلات لا يعكس الواقع الحقيقي لديون التونسيين، وخاصة أنّ الأسر تلجأ إلى الاقتراض من الشركات المالية أو الأصدقاء والأقارب وحتى من الصناديق الاجتماعية، مع الاعتماد أيضَا على الشراء بالتقسيط من المحلات، وهذه الوسائل لا يتم رصدها رسمياً.

المصدر العربي الجديد