بعين قلبي رأيت ربي ” تلكم هي المقولة التي اصطلح عليها الصوفية جميعهم ، وهذ الرؤية تلغي بالضرورة
كل ما له ماهية مادية ونواميس طقوسية ، رؤية تفتح للوجدان باب الحرية في قراءة الوجود وتصور الخالق لهذا الوجود ، وتتيح للكائن كل سبيل تبلّغه تمثّل الكون والكائنات ، ولكن هل يستقبل العقل المحدود هذه الرؤية الفلسفية والوثبة الروحية المغامرة ، وهل تنشرح صدور العامة والساسة لهذا التسامي الذي يسحب منها احتكارها لتحنيط المقدّس ؟ أم يستفز فيها شراسة الرد على كل فكر يحاول خلخلة الجمود والتكلس ؟ …..الحلاج شهيد العشق الإلاهي ، يقدم نفسه قربانا بين يدي النور الذي يسكنه ليخط بذلك طريقا للسالكين إلى الله الذين ينشدون السلام الداخلي والأمان لكل البشرية ..
لم يكن التصوف ولن يكون ” تخميرة ” و بخورا واستنجادا بالسادة ” الأولياء ” ومهما حاولوا تحويله إلى طقس شعبي مستهلك فإنه يظل نزعة فلسفية تتبنى معرفياً رؤيةً توحيدية لا تتطابق ورؤية علم الكلام التوحيدية، إذ تبين هذه الرؤية كيفية مختلفة لخلق الحق للخلق، بوصف الخلق مظهراً من مظاهر وجود الحق.
تهتم هذه الرؤيةُ ببيان حاجة الإنسان العميقة لصلةٍ مباشرةٍ بالله، يلتقي فيها الإنسان وجودياً بالحق، عبر رحلةِ صعودٍ من عالمه الأرضي إلى الحق، وعودتِه من الحق إلى الخلق. ويتجلى الله روحانياً وأخلاقياً للرؤية التوحيدية في التصوف الفلسفي.
من خلفية هذه الرؤية تشكل مشروع العمل الفرجوي ” نسيم الروح ” نصا وإخراجا للفنان الصادق عمار الذي لم يكن همه أن يعيد سرد قصة الحلاج بقدر همه أن يطرح من جديد مآسي الحجر على الرأي وإزهاق كل نفس جديد يرقى بالإنسان فكرا وروحا ..وقد وظف في هذا العمل أغلب أدوات الفرجة التي تنزّل العمل في مناخاته حكْيا ولعبا دراميا ورقصا مسرحيا وموسيقى وإضاءة ….وطاقم هام من مختلف مشارب الفنون يلتقون في هذا العمل .
Le Maghreb