غسل اليدين طريقة سهلة للوقاية من الأمراض ومنع انتشارها. فهي وسيلة رخيصة وتكاد تكون متاحة لجميع الناس حول العالم ولا تُكلف وقتاً أو جهداً يُذكر، اللهم تعويد النفس والأطفال على جعلها من الأفعال اليومية المألوفة. لكن ينبغي معرفة متى نغسل أيدينا وكيف نستخدم السوائل المعقمة وكيف نُعود أبناءنا على غسل أيديهم. ولا يتطلب ذلك أكثر من الماء والصابون أو معقم كحولي لليدين.
نظراً لتعدد الأنشطة التي نقوم بها يومياً من مصافحة الأصدقاء والزملاء ولمس أسطح المكاتب ومحتوياتها ومقابض الأبواب والمصاعد في العمل وعربات التسوق في المراكز التجارية وغيرها، تتراكم الجراثيم على أيدينا. وعندما تكون يد الشخص غاصةً بالجراثيم غير المرئية ويقوم باستخدامها في حك عينيه أو أنفه أو فمه، فإنه قد يؤذي نفسه من حيث لا يحتسب. وعلى الرغم من أنه يستحيل إبقاء اليدين خاليتين من الجراثيم، فإن غسلهما باستمرار يُساعد على التقليل من انتقال البكتيريا والفيروسات وباقي الميكروبات. ويحتاج المرء أحياناً إلى غسل يديه قبل القيام بفعل ما، وأحياناً أخرى بعد القيام بهذا الفعل. ومن بين الأفعال التي يتعين غسل اليدين قبل القيام بها الاستعداد للأكل ومداواة الجروح وتقديم الدواء ورعاية شخص مصاب أو معالجته وتركيب العدسات اللاصقة في العينين أو إزالتهما. أما الأفعال التي يجب غسل اليدين بعدها، فيمكن إجمالها في إعداد الطعام- خصوصاً إذا كان يشمل اللحم والدواجن- واستخدام المرحاض أو تغيير حفاض الطفل، ولمس حيوان أليف أو دمى تُجسد حيوانات، أو رمي الأزبال في القمامة، وتنظيف الأنف من المخاط والعطس، ومداواة الجروح أو رعاية شخص مصاب أو مجروح، ورش الأسمدة أو المواد الكيميائية في الحديقة أو أي شيء قابل للتلوث والاتساخ مثل قطعة قماش تنظيف أو أحذية متسخة. وعموماً، لا ضيْر من غسل اليدين كلما بدت متسختين.
ويُفضل غسل اليدين بالماء والصابون وفركهما على مستوى الأصابع وما بينهما وراحة الكف وظهرها والأظافر والمعصم لمدة لا تقل عن 20 ثانية، ثم شطفهما جيداً بمنشفة من القماش أو محارم ورقية أو مجفف هوائي، ثم إغلاق الحنفية بأحد المحارم الورقية تفادياً لعودة الجراثيم إلى اليد. ويجدُر التذكير بأن منتجات الصابون المضاد للبكتيريا ليس أكثر فعاليةً في قتل الجراثيم من منتجات الصابون العادي. بل إن التعود على استخدام الصابون المضاد للبكتيريا قد يؤدي إلى ظهور بكتيريا مقاومة لمكونات المنتج المضاد للبكتيريا ويجعل القضاء على هذه الجراثيم مسألةً أصعب فيما بعد.
وفيما يتعلق باستخدام معقمات اليد الكحولية، فإنها تكون بديلاً جيداً عند غياب الماء والصابون. أما في حال وجودهما، فمن الأفضل استخدامهما. وإذا اختار الشخص استخدام معقم اليد، فعليه التأكد من أن المنتج يحتوي على 60% من الكحول على الأقل، ثم اتباع الخطوات الآتية:
ويمكن كذلك استعمال المحارم المبللة المضادة للميكروبات، ففعاليتها لا تقل عن المعقمات الكحولية السائلة. ومن الأفضل طبعاً استخدام المنتجات المعقمة التي تحتوي على نسب عالية من الكحول. وإذا كانت يدا الشخص متسختين بشكل واضح، فإن عليه استخدام الماء والصابون وليس معقمات اليدين الكحولية.
ويحتاج الأطفال بدورهم إلى اكتساب ثقافة إبقاء أيديهم نظيفةً وخاليةً من الجراثيم قدر الإمكان. وذلك من خلال تشجيعهم على غسل أيديهم بشكل جيد ومستمر. ويمكن للأب أو الأم تعليم الابن كيفية غسل اليدين من خلال غسل اليدين أمامه ثم مشاهدته وهو يغسلهما بنفسه، وتوجيهه ومطالبته بتكرار الغسل إلى أن يُتقن طريقة الغسل، فترسخ في ذهنه. ولتجنب غسل الطفل يديه بأسرع مما ينبغي، يمكن مطالبته بغناء أغنية “سنة حلوة يا جميل” مرتين قبل الانتهاء من غسل يديه ليضبط مدة العشرين ثانية أكثر. كما يمكن وضع أدوات تذكير بسيطة في مستوى عينيه مثل جدول رسوم يوثق بالألوان عدد المرات التي يغسل فيها يديه كل يوم أو غيرها من الأدوات المحببة للطفل. ولا بأس من استخدام الأطفال واليافعين لمعقمات اليدين الكحولية في حال عدم وجود الماء والصابون أو في بعض الظروف الخاصة. ويُستحسَن تذكير الطفل بالتحقق من أن يديه يجب أن تجفا بالكامل بعد استخدامه السائل المعقم قبل أن يلمس بهما أي شيء من حوله. كما يجب على الأم الحرص على أن لا يعبث الطفل بهذا المعقم أو يستخدمه في غير الغسل، حتى لو اقتضى الأمر وضعه بعيداً عن متناول يده وعدم مناولته إياه إلا عندما يحتاجه.
وتزداد أهمية غسل اليدين بالنسبة للأطفال الذين يتلقون رعايةً ما في حضانة أو روضة. فالأطفال يكونون أكثر عُرضةً لالتقاط الجراثيم والميكروبات عند وجودهم خارج البيت نظراً لكثرة احتكاكهم بالآخرين ولمسهم للكثير من الأشياء في وقت وجيز، ولذلك يُلاحظ المراقبون الصحيون سرعة انتشار الأمراض التنفسية والمعوية في صفوف الأطفال الذين يلجون بعض الحضانات والروضات التي تقل فيها الممارسات الصحية اللازمة والمناهج التربوية التي تنص على تعويد الأطفال على غسل أيديهم وجعل هذه الثقافة من أولى الأبجديات التي يتلقونها حتى يتعود منتسبوها تلقائياً على تبنيها تطبيقاً وممارسةً بشكل يومي. والأخطر من ذلك أن هؤلاء الأطفال يمكن أن ينقلوا هذه الجراثيم أو الميكروبات إلى آبائهم وذويهم ومربيهم. ولذلك يجب على كل أبوين أن يتأكدا مما إذا كانت الحضانة أو الروضة أو المدرسة التي يلجها ابنه تُوفر للأطفال المرافق اللازمة لغسل أيديهم ومعقمات اليدين الكحولية الصحية اللازمة. كما يجب عليهما الاستفسار عن عدد المرات التي يُطلَب فيها من الأطفال غسل أيديهم أثناء وجودهم هناك، وليس فقط قبل تناولهم الوجبات. ويجب على الأم التي سجلت ابنها في إحدى الحضانات أن تتساءل عما إذا كانت أماكن تغيير الحفاضات تخضع لتنظيف بعد كل استخدام، وعما إذا كانت هذه الأماكن منفصلةً تماماً عن أماكن الأكل وبعيدةً عنها بما يكفي.
وعوداً على بدء، لا يمكن القول سوى أن غسل اليدين فعل سهل لا يتطلب وقتاً أو جهداً يُذكر، ويُقدم بالمقابل مكافآت صحية مجزية لصاحبه ويقيه من الأمراض الشائعة. وتبني عادة غسل اليدين وجعلها من ضمن الممارسات اليومية التي يتبعها جميع أفراد الأسرة، بما فيهم الأطفال، لا يمكن إلا أن تلعب دوراً أساسياً في تتويج جميع أفراد الأسرة بتاج الصحة الثمين.
المصدر: وكالات