تمكنت وزارة أملاك الدّولة والشؤون العقارية في ظرف سنتين من إسترجاع 30 ألف هك منالأراضي الدّولية الفلاحية، كما منحت بموجب إجراءات إصلاحية المواطنين القاطنين في الأحياءالمقامة بحسن نية على أراضي الدولة وشهادات الملكية وقد شمل هذا الإجراء حتى الآن 500ألف مواطن، بما يعنيه ذلك من إمكانية توظيف هذه الملكية في التنمية.
وتأتي هذه الإجراءات في إطار حملة لحسن التصرف في الملك العمومي وللتصدّي لكلّالاعتداءات والتجاوزات التي يتعرض لها الملك العمومي في أغلب مناطق الجمهورية، حملةمازالت متواصلة حتى إستكمال رصد أملاك الدولة المستولى عليها وإستعادتها بالكامل.
هذه الحملة تحدث لأول مرّة في تاريخ تونس وقد مكنت المبادرات الجريئة التي إتخذتها وزارةأملاك الدولة من إسترجاع جزء من الأملاك المستولى عليها، وقد فاقت المساحةالمسترجعة مساحات بعض الدول، والأكثر من ذلك أن هذه الإجراءات مهدت لضبط وتحديد أملاكالدولة عبر خارطة رقمية يجري تحيينها تدريجيا بما يمنع أي تلاعب في المستقبل بأملاكالدولة بما أن هذا الإجراء سيسهل المراقبة وحسن التصرف في هذه الأملاك.
ترسانة الإصلاحات المترابطة تعززت كذلك بمشروع قانون جديد يتعلق بإطلاق مشروع مجلةللأملاك الوطنية في أكتوبر الماضي، ومن شأن هذه المجلة أن تعمل على حماية الملك العموميوتضبط مختلف طرق التصرف فيه.
للتذكير، فإن المساحات التي تمت إستعادتها كانت خارج سيطرة الدّولة وتم الإستيلاء عليهابإستغلال ضعف الدّولة ووهنها في السنوات الأخيرة وخاصة بعد الثورة.
وتعد هذه العقارات من أجود العقارات الفلاحية خاصة وأنها تمتد على مئات الهكتارات، وفي بعضالأحيان آلاف الهكتارات وتتواجد في كل ولايات الجمهورية، تقريبا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأحياءالسكنية المقامة بحسن نية على أراضي الدولة.
وقد أمكن إستعادة هذه الأراضي من ” الباندية ” وسماسرة العقارات المرتبطين ببعض اللوبياتالسياسية والمالية.
هؤلاء شبّههم وزير أملاك الدّولة، مبروك كرشيد في تصريح إعلامي مؤخرا ب «دواعش المالالعام”، كما أمكن إستعادة بعض الأراضي أيضا إستجابة من قبل المواطنين لإجراءات إتخذتها وزارةأملاك الدولة والشؤون العقارية.
وفي نفس السياق الإصلاحي، أمكن تسوية وضعية المتساكنين الذين وجدوا أنفسهم بحسن نيةيقيمون في أحياء سكنية ولعشريات عديدة على أراضٍ مملوكة للدولة وذلك منذ جوان2018 بصدور أمر ضبط هذه الوضعيات وأوجد التسوية الملائمة لها، منهيا بذلك كل الإشكالياتالقائمة على مستوى هذه القضية الشائكة، فهؤلاء المتساكنون أقاموا عقاراتهم على ملك الدّولةالخاص ولم يكن ذلك بنية الإستحواذ على ملك الدولة، إذ تعود أغلب هذه التجمعات السكنية إلىفترة الستينيات جراء الفيضانات التي عرفتها تونس في تلك الفترة، حيث قامت الدولة بنقل هؤلاءالمواطنين من المواقع المتضررة إلى أماكن أخرى أكثر أمانا.
ولا يجري تنفيذ هذه الإجراءات الإصلاحية دون رؤية، فالملك العمومي ينبغي إستغلاله للصالحالعام وهو الأمر الذي تحرص عليه وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، فالهدف هو إعادة توظيفهذه العقارات لخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في إطار المقاربة الاصلاحيةالشاملة لحكومة الوحدة الوطنية وخاصة لإحياء الأرض في المناطق المهمشة والمعدمة.
وفي هذا السياق تتنزل الإجراءات الجديدة المتعلقة بتسويغ عقارات دولية فلاحية لفائدة العاطلينعن العمل من حاملي الشهادات العليا وغيرهم، طبقا للمنشور الصادر مؤخرا عن وزيري أملاكالدّولة والشؤون العقارية والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
كما تتنزل تلك الإجراءات في إطار تجسيم سياسة الدّولة في مجال التشغيل وسعيها للحدّ منظاهرة البطالة خاصة في صفوف حاملي الشهائد العليا، وهي من الأولويات المطلقة لحكومةالوحدة الوطنية.
وينتظر أن تحدث هذه الإجراءات الجديدة نقلة نوعية على المستوى التنموي داخل الجهات وتفتحآفاقا جديدة للاستثمار لفائدة الشباب، وقد تم ضبط عملية إستغلال هذه العقارات وفقا للقانونوفي كنف الشفافية المطلقة. وقد إنطلق الولاّة في إعداد قائمات بالأراضي المعروضة للشبابوالاستعداد الجيد لقبول المطالب في الغرض
كما تحرص وزارة أملاك الدولة على إعادة توظيف وإستغلال الأراضي الدّولية المسترجعة منطرف ديوان الأراضي الدّولية بما مكّن الديوان من تنمية موارده المالية عبر المداخيل المتأتية منمحصول إنتاج هذه الأراضي خاصة في مستوى إنتاج الزياتين، من ناحية، وصيانة ملك الدولةوحسن التصرف فيه وتأهيله من ناحية أخرى، بعيدا عن عقلية “رزق البيليك ” التي كانتسائدة فوراء ملك الدولة مجموعة وطنية حريصة على حسن التصرف في إمكانياتها.
المصدر أخر خبر اونلاين