التنهد نفس طبيعي يصدر عن جميع البشر، ويعد الدماغ الجهاز المسؤول عن برمجة هذه الوظيفة. وفي هذا الصدد، تعددت التحاليل والتفسيرات العلمية التي بحثت في أسباب التنهد الذي يشكل لغزا، ولكن العلماء تمكّنوا أخيرا من فك طلاسمه.
فجميع البشر يتنهدون ويكررون هذه الحركة مرات عديدة في اليوم. وعلى وجه الخصوص، لا يتردد الشخص عن التنهد عندما يشاهد بعض رسائل البريد الإلكتروني، أو عند تذكر بعض اللحظات السعيدة أو الحزينة.
كما نستعمل التنهيدة عند التواصل مع الآخرين، أو في حالة عدم معرفتنا ما سيحدث مستقبلا، أو للإشارة إلى أن ما يقال أمر مسبب للملل والضجر.
وتوجد أنواع كثيرة من التنهد، إلا أن العلماء أكدوا أنها جميعا مرتبطة بعوامل عاطفية، كما أن لها وظائف فيزيولوجية بحتة.
ويعمل التنهد بشكل أساسي على تضخيم الحويصلات الهوائية، التي هي عبارة عن أكياس يقدر عددها بالملايين في الرئتين والتي تتمثل مهمتها في تزويد الدم بالأكسجين وتنقيته من ثاني أكسيد الكربون.
من جانب آخر، رغم أن التنفس حركة غير إرادية وتلقائية، فإن النسق الطبيعي للتنفس غير كاف لإبقاء الجسم على قيد الحياة. ولهذا السبب، نتنفس من وقت إلى آخر بعمق، في حركة شبيهة في غالبية الأحيان بالتنهد.
وتشير التقديرات إلى أن البشر يتنهدون بمعدل مرة خلال كل خمس دقائق. ويصل معدل التنهد إلى اثنتي عشرة مرة خلال الساعة الواحدة.
ومعرفة مصدر التنهد وأسبابه تعد إنجازا عظيما في مجال العلوم، وخاصة بالنسبة للذين يعانون من مشاكل في التنفس. وبالاعتماد على التكنولوجيا المناسبة، يمكن للعلماء تحفيز عملية التنهد لدى المريض الذي يعاني من قصور في الجهاز التنفسي، أو تنظيم هذا النفس إذا كان يحدث بشكل مفرط بسبب اضطرابات نفسية أو القلق. وذلك وفقا لتقرير للكاتب خوان رودريغيز دي ريفيرا في صحيفة إسبانيول.
فئران
وأجريت دراسات طبية حول التنهد، وشملت حوالي 40 فأرا (وهي حيوانات تتنهد بمعدل 40 مرة في الساعة)، توصلت إلى تحديد أجهزة الجسم التي تتحكم في عملية التنهد وتتولى مهمة برمجته.
”
معدل التنهد يرتفع خلال حالات الإجهاد على عكس حالات الاسترخاء
”
وتوصل العلماء إلى أن نوعين من الجزيئات تعرف باسم نيروبيبتيد مسؤولان عن التواصل مع الخلايا العصبية التي تعمل على تنشيط عملية التنهد.
علاوة على ذلك، بمجرد تعطيل عمل جزيء نيروبيبتيدي انخفض معدل التنهد لدى الفئران، وتوقفت حركة التنهد بالكامل عند تعطيل عمل هذين الجزيئين.
وبفضل هذا الاكتشاف حددت المنطقة المسؤولة عن وظيفة التنهد، والتي تتمثل في منطقة جذع الدماغ. ومن هذا الاستنتاج يمكن إيجاد طريقة للتحكم في هذا النوع من التنفس العميق المفيد للجسم.
وتوصل العلماء إلى أن معدل التنهد يرتفع خلال حالات الإجهاد، على عكس حالات الاسترخاء. كما عمل الباحث في جامعة أوسلو في النرويج كارل تيجن على دراسة المواقف التي يتنهد خلالها البشر وكيفية تقييم الأطراف المقابلة لهذا النفس العميق.
وتوصل الباحث إلى أن العديد من المشاركين يربطون التنهد بالمشاعر السلبية مثل الملل أو الإحباط. كما توصل تيجن إلى أن التنهد ليس شكلا من أشكال التواصل، لأن الأشخاص الذين شملتهم الدراسة تنفسوا بالمعدل نفسه سواء كانوا محاطين بأشخاص أو كانوا وحيدين. وعند الرغبة في التواصل عبر التنهد، رافقت هذه الحركة إيماءات أخرى أو كانت بشكل أكثر عمقا.
ومع أن بعض الأشخاص يعتبرون أن التنهد من مظاهر قلة الأدب والوقاحة، لكن بعد الإعلان عن هذه الحقائق والاكتشافات، لا تتردد في إيضاح أن التنهد مفيد للصحة. وأخيرا، لا تنسى أن تواظب على التنهد.
المصدر الجزيرة