بمقتضى الجلسة المنعقدة في إطار الدورة العادية الأولى لسنة 2021 بتاريخ 26 فيفري، تمت المصادقة على إحداث “خلية التشاركية في متابعة مراجعة مثال التهيئة العمرانية ببلدية سوسة”.
وتأتي هذه الخطوة لضمان مبادئ الديمقراطية التشاركية، التي تُعتبر ركيزة الحكم المحلي وإحدى آلياته الأساسية، حسب مانصّ عليه دستور جانفي 2014، حيث يؤكد الفصل 139 أهمية الديمقراطية التشاركية في تركيز السلطة المحلية وضمان ديمومة واستمرارية مسار اللامركزية في تونس، و ينص على أن الجماعات المحلية “تعتمد آليات الديمقراطية التشاركية، ومبادئ الحوكمة المفتوحة، لضمان إسهام أوسع للمواطنين والمجتمع المدني في إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية”.
بوادر إيجابية لتفعيل آليات التشاركية:
ترى رئيسة لجنة التواصل في خلية التشاركية في متابعة مراجعة مثال التهيئة العمرانية عواطف معروف، أن بلدية سوسة تنتهج خطة اتصالية ناجحة تنم عن إرادة حقيقية لتشريك المواطنين و رسم معالم رؤية واضحة لمستقبل مدينة سوسة.
و تتمثل آليات الديمقراطية التشاركية التي تتبناها بلدية سوسة في عقد الاجتماعات مع مختلف مكونات المجتمع المدني والمواطنين خاصة على مستوى الدوائر البلدية، بالإضافة إلى الإعلان عن الجلسات للعموم بالطرق المتاحة والنشر الدوري لمختلف محاضر ومخرجات الجلسات.
كما ثمنت المتحدّثة، أهمية اليوم المفتوح الذي نظمته بلدية سوسة، يوم الأحد 31 أكتوبر 2021، مع مختلف متساكني المدينة لتقديم مقترحاتهم وتصوراتهم لمراجعة مثال التهيئة العمرانية، بالإضافة إلى قيامها بتشريك مجموعة من التلاميذ ممثلين عن مختلف المعاهد و الإعداديات بالمنطقة البلدية وعن البرلمان الوطني للطفل، تتراوح أعمارهم بين 12 و 18 سنة، وإتاحة الفرصة لهم لإبداء آرائهم، و ذلك عبر التنسيق مع مندوبية التربية بالجهة.
من جهتها استحسنت منى الباجي، راصدة محلية بمنظمة بوصلة، هذه البادرة واعتبرتها خطوة إيجابية لتفعيل المسار التشاركي من جانب البلدية كما أشادت بأهمية النشر الدوري والسريع لمحاضر الجلسات في الموقع الرسمي للبلدية و على صفحة الفايسبوك.
تطبيق حرفي للنصوص القانونية:
ورغم تثمين بعض الخطوات التي تتخذها بلدية سوسة لتشريك المواطن في الشأن المحلي، ترى منى الباجي أن النقائص عديدة حيث أنّ البلدية تلتزم بما جاء في مجلة الجماعات المحلية بحذافيره فيما يخص الإعلام و لكنها لا تبذل مجهودا إضافيا في توعية المواطن و القرب منه، مشيرة إلى أنّ مقترحات المجتمع المدني لتشريك المواطنين عبر الخيمات والحافلات المتنقلة التوعوية أو المناشير التفسيرية لم تلق اهتماما فعليا من المجلس البلدي.
وبينت أنّ توقيت و مواعيد الجلسات غير ملائم و غير مشجع للمواطنين، حيث أنّ الجلسات تُبرمج أحيانا في أيام العمل وسط الأسبوع و تستمر لساعات متأخرة من الليل، ما من شأنه أن يتسبب في عزوف المواطن.
خطة اتصالية في حاجة لمزيد من المراجعة
من جهته، أكّد مجدي بن غزالة المستشار ببلدية سوسة والرئيس السابق للجنة التخطيط و التهيئة العمرانية، أن مبدأ التشاركية الفاعلة لا يتعدى كونه حبرا على ورق، مضيفا أنّ هذا المفهوم يفقد معناه عند غيابه في صلب المجلس البلدي و ذلك عبر إقصاء اللجان البلدية من النقاش واتخاذ القرار.
واعتبر بن غزالة، أنّ البلدية لا تقوم “بأدنى مجهود اتصالي للدعوة للجلسات التشاركية” ممّا يعكس إرادة ضعيفة لإرساء مبدأ التشاركية الفاعلة للمواطنين، مضيفا أنّ الإعلان عن الجلسات عادة ما يكون متأخرا و يتسم بالكلاسيكية عبر استعمال البوق في الأحياء.
واستغرب من تعليق الاستدعاء الرسمي في بهو البلدية فقط، مؤكدا أنّ عدم فاعلية الخطة الاتصالية يعود إلى نقص في تكوين أعوان البلدية المكلفين بوضع و تنفيذ الخطط الاتصالية.
و صرّح أن حضور المواطن في الجلسات لتعمير استمارة الحضور بقدر ما يمكن لا يعني بالضرورة تحقيق التشاركية، خاصة إذا كان المواطن غير مُلّم بأبجديات الشأن المحلي و غير واع بحقوقه في النقاش و النقد و المساءلة.
صوت الطالب:
جاد الشميسي، طالب بكلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة أفاد بأن الخطة الاتصالية للبلدية غير مجدية و غير مواكبة للتطور التكنولوجي، معتبرا أنّ استراتيجية الإعلام و الاتصال لا تحتاج إلى مبالغ طائلة حتى يكون ناجعة و فعالة، إذ يرى أنه من الأجدى أن تلجأ البلدية إلى دعم منشوراتها على صفحات التواصل الاجتماعي بالإشهار وتحديد الفئة المستهدفة أو إلى بعث إرساليات قصيرة للمواطنين للإعلان و الاستدعاء إلى الجلسات و التوجه إلى المعاهد و الكليات لاستهداف الشباب الذي يمكن أن يلعب دورا فارقا في الشأن المحلي.
أمّا فيما يخُص المداخلات الصحفية، فاستغرب طالب الحقوق أن البلدية نادرا ما تُعلن عن برامجها و أنشطتها على موجات الإذاعات التي تبث في ولاية سوسة وهو ما يعتبره طريقة ممنهجة لتغييب المواطنين و “تبرئة ذمّة” المسؤولين البلديين من المساءلة والمراقبة من طرف الحضور.
اعتراف بالتقصير ووعود بالإصلاح:
وفي ردّها على الآراء التي انتقدت ضعف الخطة الاتصالية و استعمال الأبواق للإعلان عن الجلسات، قالت رئيسة لجنة التواصل في خلية التشاركية في متابعة مراجعة مثال التهيئة العمرانية ببلدية سوسة عواطف معروف: “صحيح أنّ سياسة البوق قد تبدو كلاسيكية لكن شخصيا أعتبر أنها وسيلة ناجحة للإعلان عن الجلسات لأنها تثير فُضول المواطنين و خير دليل على نجاعتها، نسب الحضور المرتفعة للمواطنين في الجلسات”.
وأردفت أنّ نقائص الجانب الاتصالي و منها غياب خبير في الإعلام و الاتصال في خلية التشاركية و عدم انتداب مختصين في مكتب الإعلام، يرجع أساسا إلى محدودية الموارد المالية للبلدية، مشدّدة على أن البلدية ستعمل على تخصيص موارد مالية لاستراتجيات الاعلام والاتصال في المراحل القادمة.
للإشارة فإنّ أنّ هذا العمل أنجز ضمن النسخة الثانية من برنامج ”مراسلون”، مراسلو الديمقراطية المحلية، من تنظيم المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية IFES، مكتب تونس، الذي يهدف إلى المساهمة في تأسيس صحافة محلية ناجعة عبر شبكة من المراسلين والمراسلات المحليين.
Jawhara FM