تحت شعار “قلعة الفنون” أعطيت يوم الأحد 16 ديسمبر، شارة انطلاق الدورة 36 لمهرجان الزيتونة الدولي بالقلعة الكبرى. دورة استثنائية بكل المقاييس حرص منظموها وعلى رأسهم الشابة سامية الوسلاتي أن ترتقي الى مستوى تطلعات أبناء الجهة.
المهرجان الذي يعتبر عرسا ثقافيا سنويا نجح الى حد بعيد، رغم بعض الهنات وبعض العراقيل، في أن يفي ويحقق في يومه الأول الأهداف المرسومة وأن يلبي انتظارات عشاقه وجماهيره.
افتتاح بكل الالوان
لم تشذّ الفقرة الافتتاحية للمهرجان عن القاعدة والعادة التي دأب المنظمون انتهاجها في كل سنة، والتي تركز أساسا على تقديم لوحات فلكلورية وعروض أزياء تترجم الثراء الفني والمخزون التراثي التقليدي لمدينة المليون زيتونة. وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين الذي كان حاضرا للمرة الثالثة على التوالي في هذا المهرجان الذي تترأسه للمرة الأولى في تاريخه إمرأة شابة وطموحة، أبدى إعجابا وحماسا بما أعده هذا الفريق الشاب والمتماسك والمتضامن ووعد القائمين على هذا المهرجان بمزيد الدعم.
وقد تخلل الإفتتاح العديد من الفقرات الفنية المصاحبة لعروض الازياء التقليدية بالاضافة الى رسومات جدارية اضفت الى الفضاء الذي تم فيه برمجة حفل الافتتاح، رونقا وجمالية خاصة قام بإعدادها ثلة من الفنانين والرسامين من ابناء الجهة ومن خارجها على غرار الفنانة المغربية نادية الغرياني والفنانين بيرم التونسي ومعاذ جاء بالله وباشراف احلام حاجي عن جمعية “Hiboscus”.
يوم الافتتاح كان دسما وثريا إذ الى جانب العروض الاحتفالية التأمت ندوة فكرية بمقر بلدية الجهة تحت عنوان “الميديا الاجتماعية وترويج الاثر الفني في تونس” التي اشرف على اعدادها ثلة من ابناء الجهة. وقد مثلت هذه الندوة فرصة امام الباحثين والضيوف للتباحث حول موضوع حارق يمس الشأن الثقافي والفني وكذلك عموم الناس لأن المنتوج الفني يلامس تقريبا كل الافراد دون استثناء. وشارك في هذه الندوة التي ترأس جلستيها كل من الدكتورة ربيعة ابن لطيفة والدكتور فرج زميط ثلة من الاساتذة الجامعيين على غرار محمد بن حمودة والاسعد الشطي ونهى بلعيد ومحمد علي الحيو والاسعد بن حسين بالاضافة الى مجموعة من طلبة الدكتوراه في مجالات فنية مختلفة.”
ولم تخل هذه الندوة من تفاعلات الحاضرين والمشاركين على غرار الاعلامية المتميزة باذاعة المنستير عليا رحيم والفنانة التشكيلية المتألقة منية الشاهد التي تقدم نوعا فريدا من الرسم وهو الرسم تحت الماء. وقد واكب فعاليات هذه الندوة ايضا الفنان الزين الحداد والمطرب نبيل خليفة الذي أمّن سهرة الافتتاح.
سهرة فنية “قلعية”
سهرة الافتتاح كانت استثنائية بجميع المقاييس، إذ حرص المنظمون على ان يكون اول فنان يعتلي ركح القاعة المغطاة بدار الثقافة التي تحتضن معظم عروض المهرجان، من أبناء الجهة.
الفنان نبيل خليفة الذي ذاع صيته ونجح في اكتساب قاعدة جماهيرية خصوصا من خلال اعتماده على وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة ترويجية لأعماله الخاصة، استطاع من خلال المزج بين الاغاني الخاصة، مثل اغنية «بتعذبيني» التي نال بها الجائزة الاولى في مصر، بالاضافة إلى أغان أخرى كثيرة كان النصيب الأكبر في تأليفها للشاعر والمؤلف الغنائي المولدي حسين، واغان تونسية اخرى، ان يشد اليه الجمهور الذي غصت به قاعة العرض.
التفاعل كان كبيرا خصوصا مع مشاركة الفنانة سندة السكلي صاحبة الصوت القوي والاوبرالي التي رافقت الفنان نبيل خليفة في بعض الاغاني الطربية. الحفل الذي امنه المايسترو محمد الرواتبي صحبة ثلة من العازفين الشبان تخللته لوحات فنية راقصة. وقد صاحب هذا العرض الذي صفق له الجمهور طويلا فقرة الحكواتي بوراوي الوحيشي الذي جمع بين الهزل والشعر والطرب وأمّن فقرة طريفة شدت انتباه جمهور المهرجان.
رهانات وصعوبات
عبرت سامية الوسلاتي مديرة الدورة الحالية عن رضاها التام عن نجاح اليوم الافتتاحي الذي واكبه هايل الفاهوم سفير فلسطين بتونس وكذلك السفير التركي عمر فاروق داغون.
وأثنت مديرة المهرجان بالمناسبة على مجهود كل المساهمين في انجاح هذا الحدث الهام رغم كل العراقيل والصعوبات التي واجهتها طيلة فترة اعداد هذه الدورة وخصوصا في اليوم الأول.
وقالت سامية الوسلاتي في تصريح لحقائق اون لاين: “لقد كسبنا الرهان مبدئيا في انتظار انتهاء المشوار… التحدي لم يكن سهلا ونشكر كل الذين ساهموا في عرقلتنا لأنهم نجحوا في إعطائنا دفعا قويا لانجاح هذا العرس”.
سامية الوسلاتي ابنة معهد الصحافة وعلوم الإخبار التي تتقن جيدا فن التواصل مع الجميع خصوصا مع منتقديها عبرت عن حرصها الشديد للمضي قدما في انهاء المشوار الذي بدأته بكل اصرار وثقة في النفس.
من جهته عبّر رئيس جمعية مهرجان الزيتونة وجيه بوميزة الذي ترأس النسخة الفارطة على حرص الجمعية المنظمة لهذا العرس الثقافي الأول في الجهة على توفير كل الظروف الملائمة لتحقيق نجاح كل فقرات المهرجان.
ولم يخف بوميزه سعادته بالتشجيع والدعم المتواصل واللامحدود من قبل الوزير محمد زين العابدين الذي دعا كل الفريق الى مزيد الالتفاف حول هذا المشروع الثقافي الرائد الذي كان وراء تأسيسه جملة من رجالات القلعة الكبرى ضحوا بالغالي والنفيس من اجل ان يبلغ هذا الصرح الثقافي هذا المستوى الرفيع وعلى رأس هؤلاء السيد عبد العزيز بلعيد الذي يحضى باحترام كبير من قبل كل أوفياء وضيوف المهرجان.
لئن نجح الساهرون على تأمين كل شروط النجاح لليوم الافتتاحي وتحقيق خطوة أولى في الاتجاه الصحيح فإن مشوار هذه الدورة التي ستتواصل الى غاية يوم 23 ديسمبر تحفه العديد من الرهانات وكل الأنظار متجهة نحو هذا المهرجان الذي يعتبر ثاني أعرق مهرجان في ولاية سوسة.
المصدر حقائق اونلاين